وقفها بحلب نور الدين محمود بن زنكي على مدرسته وسلمت إلى محمد بن علي ابن ياسر الجياني الأندلسي ، زميل ابن عساكر مؤرخ دمشق ، وأجريت عليه جراية ثم وقف كتبه على أصحاب الحديث توفي سنة (٥٥٣) ووقف نور الدين على البيمارستان الذي أنشأه بدمشق جملة كثيرة من الكتب الطبية كما وقف كتبا كثيرة على أهل العلم في أرجاء مملكته.
وأعطى صلاح الدين يوسف لمؤدب ولده الأفضل أبي سعيد البندهي (أو البنجديهي) كتبا كثيرة من خزانة كتب حلب ، أباح له أن يأخذ منها ما شاء ، وهذا جمعها وحصل من الكتب التي لم تحصل لغيره ، ووقفها بخانقاه السميساطي بدمشق. وكثيرا ما كان صلاح الدين يبيح لرجاله أن يأخذوا ما شاءوا من الكتب التي وقعت إليه ، كما فعل في مصر وأعطى وزيره القاضي الفاضل من خزانة الفاطميين قدرا كبيرا من كتبها ، وأعطى عماد الدين الكاتب أيضا بعض أسفارها ، وكان في هذه الخزانة على ما قيل ألف ألف كتاب وفيها من تاريخ الطبري فقط ألف ومائتا نسخة. فبيعت خزانة الفاطميين وتشتتت على هذه الصورة ولم يكن في ديار الإسلام أعظم منها. ووهب صلاح الدين القاضي الفاضل ما شاء من كتب خزانة آمد لما فتحها وكان فيها ألف ألف وأربعون ألف كتاب فانتخب منها الفاضل سبعين حملا. وهذه الألوف من الكتب التي ملكها القاضي الفاضل وقفها بعد على إحدى مدارس القاهرة وكان هو وابنه من غلاة الكتب.
ومن الخزائن التي كانت بالشام خزانة علي بن طاهر السلمي النحوي (٥٠٠) كانت له حلقة بالجامع بدمشق ووقف فيه خزانة كتب. وكان لتاج الدين الكندي في الجامع الأموي خزانة كتب فيها كل نفيس. ووقف شرف الدين بن عروة الموصلي المنسوب إليه مشهد ابن عروة في الجامع الأموي خزائن كتبه فيه. ومن الخزائن خزانة بني جرادة العلماء في حلب فقد كتب أحدهم أبو الحسن ابن أبي جرادة (٥٤٨) بخطه ثلاث خزائن من الكتب النفيسة وخزانة لولده أبي البركات وخزانة لابنه عبد الله. ومات موفق الدين ابن المطران (٥٨٧) وفي خزانته من الكتب الطبية وغيرها ما يناهز عشرة آلاف مجلد خارجا عما استنسخه. وكان في خدمته ثلاثة نساخ يكتبون له أبدا ولهم