وربما بلغت جملة المهر ألف ذهب عثماني وزيادة ، والمهر عند الفقراء لاحد لأقله والمعجل منه ثلثاه والمؤجل الثلث الباقي. والزوجة الغنية تضيف إلى المهر من مال أبيها قدره وربما زادت وتصرف الجميع على شراء أثاث المنزل. وعقد الزواج يكون في بيت الزوجة باحتفال فائق يحضره المطربون ويطاف على الحاضرين بكؤوس المرطبات وأنواع الحلوى المجففة. وبعد أن يتم العقد بأيام ينقل الجهاز الذي أعدته الزوجة إلى بيت الزوج بموكب حافل يتقدمه جماعة الحمالين ولاعبو السيوف والعصي ، وشداة الأزجال ، ويسبق ليلة القران ليال يسمونها «التعاليل» يحضر فيها المطربون والموسيقيون وتحرق الألعاب النارية ، وقبل ليلة القران بليلتين يدعو أهل الزوجة أقاربهن ويفرق عليهن الحناء ونقوشها فينلن منها على أيديهن ما تناله منها العروس على يديها ورجليها ومعصميها وتعرف تلك الليلة بليلة النقش. ثم في صبيحة اليوم الذي يكون القران في مسائه تقام وليمة العرس وتكون الدعوى إليها جفلى يجلس على سماطها من أحب. وفي هذا اليوم يأخذ أهل الزوج الزوجة من بيت أهلها فيركبن العربات المزدانة ويأتين بها إلى بيت زوجها وكن قبل ظهور العربات يأتين بها إلى بيت زوجها ماشيات على أقدامهن يزغردن ولا يمررن بها على باب حمام زعما بأن جنه يخطفها. وأصل هذا ما كان يفعله الانكشارية من اختطاف العرائس اللواتي يمررن على حمامهن فكانوا لا يطلقون سراح العروس إلا بعد أن يأخذوا شيئا من حليها أو نقودا من زوجها.
في مساء هذا اليوم يأخذ الزوج زينته في منزل أحد أصدقائه ويحضر إلى منزله بموكب حافل من المطربين والموسيقيين وهو يسير الهوينى بين شابين يشبهانه يقال لهما سخاديج واحدهما سخدوج. قد حملت أمامه مصابيح ضخمة على عتلات في مقدمتهم شداة يترنمون بمواليات كلما أتم أحدهم مواليه يهتف الجمع بقولهم : «الله يساور جوز جوز جيز» تحريف «الله يصور الزوج زوج جهاز». وقد تقدم صف الزوج صفوف المطربين وأصحاب الأزجال الحماسية وحملة المشاعل ومحرقو الألعاب النارية والمدرعون واللاعبون بالسيوف ألعاب الفروسية إلى أن يصل هذا الموكب منزل الزوج فيدخله وتتلقاه عرسه ويضع يدها في يده أقرب إنسان إليه ويدخلان الغرفة المعدة لهما