ويفتح على رأسيهما طيلسان ورديّ اللون. وفي صبيحة تلك الليلة يدخل الزوج الحمام ومعه الجم الغفير من الخلان والإخوان ، وبعد خروجه منه يعمل له أصدقاؤه الولائم على عدة أيام وهي المسماة بالصبحيات. وفي اليوم الخامس عشر يولم الزوج لأهل زوجته وليمة شيقة تسمى عزيمة الخامس عشر.
ومما يستغرب من عادات بعض الأهلين من قطان أطراف حلب أنهم يفرشون ليلة القران في غرفة العروسين قطيفة يجعلون رؤوس ما التوى من ريشها إلى جهة صدر الغرفة ، فإذا وجد الزوج الوردة زرا غير باسم الثغر حول القطيفة أي جعل رؤوس ما التوى من ريشها إلى جهة عتبة البيت وإلا أبقاها على حالها ، وفي الغد يقوم الخصام سرا فإذا لم يقع التراضي بين الطرفين فإنهما يعلنان القضية وتعلو الضوضاء وتشتد الضجة ويفتضح الحال.
ومما يستعمله الحلبيون المسلمون في أتراحهم من العادات هو أن بعض سكان أطراف البلدة يحضر حين وفاة رجالهم الأعزاء عليهم ـ نائحات بدويات ينثرن على رؤوسهن الحناء ويشددن في أوساطهن المآزر ويخدشن خدودهن ويسودن وجوههن بسخام القدر ، وحين خروج النعش من الدار يضربن جبهة بابها بإناء خزفي زاعمة أن هذا العمل يمنع من أن يلحق بالميت غيره من أهله ، ونعش الميت يسيرون به وهم يجهرون بكلمة التوحيد ، وقد يكون في مقدمته من يؤذن أذان الجوق وينشد بعض المدائح النبوية ، وقد يمشي أمام النعش جماعة الدراويش المولوية. وإذا كان الميت من مشايخ الطريق يتقدم جماعته ويحملون نعشه ويتجاذبونه ويتماسكون به كأنه يحاول الطيران وهم يمنعونه عنه وينادونه باسمه ويضرعون إليه بأن يعدل عن الطيران ، وحملة أعلام الطريقة يفعلون بأعلامهم فعل حملة النعش به فيركضون بها إيهاما بأنها تجرهم وتحاول أن تطير بهم إلى غير ذلك من الحركات التي ينكرها الشرع. إذا وصل النعش إلى القبر حطوه إلى الأرض وأخرجوا الميت منه ولحدوه ، ومن الناس من يودع في نقرة من جدار القبر قنينة فيها شيء من زيت الزيتون قصد تعتيقه لينتفع به بعد من يكون مصابا بالريح فيطلي منه بدنه فيبرأ.
في الليالي الثلاث الأولى من الوفاة يجتمع في مسجد الحي بين العشائين