الشمال ، وفيه اليوم صندوق مربع من خشب ، وفيه أسطوان وخلفه محراب».
قال الحافظ محب الدين (١) : «ولما ولي المتوكل الخلافة ، أمر إسحاق بن سلمة ـ وكان على عمارة الحرمين من قبله ـ بأن يأزر الحجرة المقدسة بالرخام من حولها ، ففعل ، ولم يزل إلى سنة ثمان وأربعين وخمسمائة من خلافة المقتفي (٢) ، فجدد تأزيرها جمال الدين الأصبهاني ـ وزير بني زنكي ـ وجعل الرخام حولها قامة وبسطة ، وهو الذي عمل الشباك الدائر بالحجرة المقدسة اللاصق بالسقف ، وهو الذي احترق ، وكان من خشب الصندول والأبنوس مكتوبا [على](٣) أقطاع الخشب الأروانك (٤) ـ سورة الإخلاص ـ صنعة بديعة ، ولم تزل الحجرة على ذلك حتى عمل لها الحسين ابن أبي الهيجا ـ صهر الملك الصالح ستارة وعليها الطرز والجامات (٥) المرقومة بالأبريسم ، وأدار عليها زنارا من الأبريسم مكتوبا فيه ـ سورة يس ـ فعلقها نحو العامين ، ثم جاءت من الخليفة ستارة ، فنفذت تلك المتقدمة إلى مشهد علي بالكوفة ، وعلقت هذه عوضا ، فلما ولي الإمام الناصر لدين الله (٦) ، أنفذ ستارة أخرى ، فعلقت فوق تلك المذكورة ، فلما حجت الجهمة أم الخليفة ، وعادت للعراق ، عملت
__________________
(١) قول ابن النجار ورد في كتابه الدرة الثمينة ٢ / ٣٩٣ ونقله عنه : النهرواني في تاريخ المدينة (ق ٢٢٠).
(٢) المقتفى لأمر الله محمد بن المستطهر تولى الخلافة من سنة ٥٣٠ ـ ٥٥٥ ه.
انظر : ابن الجوزي : المنتظم ١٧ / ٣١٣ ، ١٨ / ١٤٤ ، السيوطي : تاريخ الخلفاء ص ٤٣٧ ـ ٤٤٢.
(٣) سقط من الأصل والاضافة من (ط).
(٤) وهو المعروف الآن بخشب «الأرو».
(٥) الجام إناء من فضة جمع أجؤم وأجوام وجامات.
انظر : ابن منظور : اللسان مادة «جوم».
(٦) الناصر لدين الله أحمد تولى الخلافة من سنة ٥٧٥ ـ ٦٢٢ ه.
انظر : الذهبي : العبر ٣ / ٦٧ ، السيوطي : تاريخ الخلفاء ص ٤٤٨.