وحمي سبحانه أن يتسمى أحد قبل زمانه بأحمد أو محمد ، فأما أحمد قطعا ، وأما محمد فلم يسم به أحد من العرب ولا غيرهم إلا بعد أن شاع قبيل وجوده صلىاللهعليهوسلم ، أن نبيا يبعث اسمه محمد ، فسمي قوم قليل من العرب أبنائهم بذلك رجاء أن يكون أحدهم وهم : محمد بن أجيحة بن الجلاح الأوسي ، ومحمد بن مسلمة الأنصاري ، ومحمد بن براء البكري ، ومحمد بن سفيان بن مجاشع ـ وهو أول من تسمى محمدا ـ ومحمد بن حمران الجعفي ، ومحمد بن خزاعي السلمي ، ومحمد بن سعادة ، وقيل : أول من تسمى محمدا : محمد بن اليحمد من الأزد (١).
وقد سماه الله تعالى أحمد في كتاب شعيا بن أموص ، من أنبياء بني إسرائيل ، فقال في الفصل السادس عشر منه : «لتفرح لك البادية العطشى ولتبتهج البراري والفلوات ولتسر وتزهو مثل الوعل فإنها ستعطي بأحمد على كتفه محاسن لبنان ، ويكمل أحسن الدساكر والرياض وسترون جلال الله تعالى بها الأنبياء». قال شعيا : «وسلطانه على كتفه» يريد علامة نبوته ، وهذه صفة محمد صلىاللهعليهوسلم ، ويأويه الحجاز (٢).
وكذلك أتى اسمه في التوراة فقال : «أسدده لكل جميل وأهب له كل خلق كريم ، وأجعل السكينة لباسه ، والبر شعاره ، والتقوى ضميره ، والحكمة مقولة ، والصدق والوفاء طبيعته ، والعفو والمعروف خلقه ، والعدل سيرته ، والحق شريعته ، والهدى أمامه ، والإسلام ملته ، وأحمد اسمه أهدى به بعد الضلالة ، وأعلم به بعد الجهالة ، وأرفع به بعد الخمالة ، وأسمى به بعد النكرة ،
__________________
(١) كذا ورد عند عياض في الشفا ١ / ١٤٥ ، وابن كثير في البداية ٢ / ٢٤١ نقلا عن القاضي عياض.
(٢) كذا ورد عند الماوردي في أعلام النبوة ص ١٢٩ ما جاء في كتاب شعيا من البشارة بنبوة محمد صلىاللهعليهوسلم.