أن تناله بسوء ، وأن تقابل فضله بالجحود؟ وقد تلقى الشيخ حسن الجبرتي هذه العلوم الرياضية في الأزهر ، وكذلك غيرها من العلوم الدينية والعربية ، وهو في الأصل من أهل الحبشة الذين رحلوا إلى الأزهر لطلب العلم ، ولهم رواق فيه يسمى رواق الجبرتية ، وقد تلقى العلوم الدينية والعربية على السيد محمد البنوفري والشيخ عمر الأسقاطي والشيخ أحمد الجوهري وغيرهم ، وبدأ تلقي العلوم الرياضية على الشيخ محمد النجاحي ، ثم قدم الشيخ حسام الدين الهندي إلى الأزهر ، وكان بارعا في العلوم الرياضية والفلسفية ، فتلقاها عليه بعض طلاب الأزهر ، مثل الشيخ الوسيمي ، والشيخ أحمد الدمنهوري ، فذهب إليه الشيخ حسن الجبرتي ولازمه ، وتلقى عليه كتبا نفيسة في هذه العلوم ، مثل أشكال التأسيس في الهندسة ، وتحرير أقليدس ، والمتوسطات والمبادىء والغايات ، والأكر ، وعلم الأرتماطيقي ، والجغرافيا ، وعلم المساحة ، ولم يزل يطلب هذه العلوم حتى برع فيها ، وطارت شهرته بها ، وكان يعرف اللغة التركية والفارسية ، ويتكلم بهما كأهلهما ، ثم اشتغل بالتدريس في الأزهر ، وتلقى عليه فيه الشيخ أحمد الشيخ عبد الرحمن البنان والشيخ محمد الصبان والشيخ محمد عرفة الدسوقي والشيخ محمد الأمير ، وغيرهم من أفاضل علماء الأزهر. وكان يقتنى كثيرا من الكتب النفيسة في العربية والفارسية والتركية ، ومما كان يقتنيه من الكتب الفارسية كتاب الكلستان ، وديوان حافظ ، وشاه نامه ، وكان بها من الصور العجيبة ما يكسبها رونقا وبهاء ، وكان عنده كثير من الآلات الفلكية ، والكرات النحاسية ، والآلات الإرتفاعية ، والميالات ، وحلق الأرصاد ، والأسطرلابات ، والعدد الهندسية ، وآلات أكثر الصناعات كالنجارة وغيرها ، وآلات الرسم والتقاسيم ، وكان كل ماهر في صناعته يجتمع به ليتسفيد منه ، وكان مع هذا يعرف صناعة التراكيب والتقاطير واستخراج المايه ، وقد رسم في أيام اشتغاله ما لا يحصى من المنحرفات والمزاول ، وفي سنة ١١٧٢ ه ـ ١٧٥٨ م ، وقع الخلل في الموازين