تضيف إلى ما يجب عليها من نشر السنة الشريفة ، ورفع أعلام الشريعة المنيفة ، معرفة سائر المعارف البشرية المدنية ، التي لها مدخل في تقديم الوطنية ، من كل ما يحمد على تعلمه وتعليمه علماء الأمة المحمدية ، فإنه بانضمامه إلى علوم الشريعة والأحكام ، يكون من الأعمال الباقية على الدوام ، ويقتدى بهم في اتباعه الخاص والعام ، حتى إذا دخلوا في أمور الدولة ، يحسن كل منهم في إبداء المحاسن المدنية قوله ، فإن سلوك طريق العلم النافع من حيث هو مستقيم ، ومنهجه الأبهج هو القويم ، يكون بالنسبة للعلماء سلوكه أقوم ، وتلقيه من أفواههم أتم وأنظم ، لا سيما أن هذه العلوم الحكمية العملية التي يظهر الآن أنها أجنبية هي علوم إسلامية نقلها الأجانب الى لغاتهم من الكتب العربية ، ولم تزل كتبها إلى الآن في خزائن ملوك الإسلام كالذخيرة ، بل لا زال يتشبث بقراءتها ودراستها من أهل أوروبا حكماء الأزمنة الأخيرة ، فإن من اطلع على سند شيخ الجامع الأزهر الشيخ أحمد الدمنهوري (١١٠١ ـ ١١٩٢ ه) ـ الذي كانت مشيخته قبل شيخ الإسلام أحمد العروسي الكبير (١١٣٢ ـ ١٢٠٨ ه) جدّ شيخ شيوخ الجامع الأزهر ، السيد المصطفوي العلم الشهير (١) رأى أنه أحاط من دوائر هذه العلوم بكثير ، وأنه له فيها المؤلفات الجمة ، وأن تلقيها إلى أيامه كان عند الجامع الأزهر من الأمور المهمة ، فإنه يقول فيه بعد سرد ما تلقاه من العلوم الشرعية وآلاتها معقولا ومنقولا :
أخذت عن أستاذنا الشيخ المعمر الشيخ علي الزعتري. خاتمة العارفين بعلم الحساب واستخراج المجهولات وبما توقف عليها. كالفرائض والميقات ، وسيلة ابن الهائم ومعونته ـ كلاهما في الحساب ـ والمقنع لابن الهائم ، ومنظومة الياسمين في الجبر والمقابلة ، ودقائق الحقائق في حساب الدرج والدقائق لسبط المارديني في علم حساب الأزياج ، ورسالتين إحداهما على ربع المقنطرات وأخراهما على ربع
__________________
(١) يعني بذلك الشيخ مصطفى العروسي (١٢١٣ ـ ١٢٩٣ ه).