وأمراؤهم ، ووقفوا عليها أضعاف ما وقف على الأزهر.
وكانت الدراسة فيه مقصورة أول الأمر على علوم اللغة والدين ، ثم أدخلت فيه بعض علوم الرياضة والنجوم والطبيعة ، ولكنها لم تعش طويلا ، وعادت الدراسة فيه سيرتها الأولى. وظل كذلك تتوالى عليه أحوال عسر ويسر ، إلى أن نهض المصلحون لأخذ طلابه بقسط من علوم الحياة : كالتاريخ ، وتقويم البلدان ، والعلوم الرياضية ، فلقوا شيئا من المعارضة. على أن الأزهريين لم يلبثوا أن اطمأنوا إلى هذه العلوم ، وأقبلوا جاهدين على دراستها طالبين المزيد منها ، والإصلاح في جميع أنواع التعليم بمعهدهم الجليل فعولج الإصلاح بعدة مشروعات ، وتم لهم ما أرادوا وسن للأزهر قانون جعل التعليم فيه على ثلاث مراحل : هي مراحل التعليم الابتدائي ثم الثانوي ، ثم العالي ، وأنشىء للمرحلة الأخيرة ثلاث كليات ، بكل منها أقسام للتخصص. واقتضى النظام الجديد أن يختص كل مدرس بنوع من العلم لطائفة من الطلاب محدودة العدد من طبقة واحدة ، فضاق نطاق الأزهر عن فرق الدراسة ، فوزعت على كثير من الأمكنة. وألحق بالأزهر في نظامه وإدارته العليا كثير من المعاهد العلمية ، كمعهد الأسكندرية ، والجامع الأحمدي ، والجامع الدسوقي ، ومعهد دمياط ، ومعهد أسيوط ، ومعهد شبين الكوم ، ومعهد الزقازيق.
وللأزهر الفضل الذي لا يجحد في حفظ علوم الدين واللغة في تلك الحقبة الطويلة ، التي ابتليت فيها مصر بالفقر والجهل وسائر ألوان الفساد. وكان ملاذ القاصدين من أبناء اللغة العربية ، وغياث المتعطشين لورود مناهلها من سائر الممالك الإسلامية ، ومصباحا ينبعث منه نور الهداية إلى جميع أنحاء العالم الإسلامي ، وله عظيم الأثر في النهضة الحديثة ، إذ كان الملجأ الذي لجأ إليه محمد علي في نهضته ، فاختار من بين طلابه بعوثه الى البلاد الأوروبية للتوسع في العلوم والفنون ، فعادوا وكانوا أئمة المصلحين. واستعان بعلمائه في القيام بكثير من شئون مملكته ، كتعليم