والتقاعد ، والإنتاج والعقم ، ولسنا بصدد الكلام عن هذه الأطوار التي طواها التاريخ بما لها أو عليها ، ولكن مما يهمنا في هذا الحديث ، أن نعرف أن هذه الأطوار ختمت بعهد تجمعت فيه علل ماض طويل ، وأخذت تعمل عملها في صرف الأزهر عن التفكير والإنتاج ، وعن كل نافع من العلوم العقلية والكونية ، وانتهت مظاهر العلم والتفكير فيه إلى أن تغلبت المبادىء الآتية :
١ ـ تغلبت العناية بالمناقشات اللفظية ، وتتبع كلمات المؤلفين في المصنفات والشروح والحواشي والتقارير على الروح العلمية الموضوعية التي من شأنها أن تخدم الفكرة ، بقطع النظر عما يتصل بها من لفظ وعبارات.
٢ ـ تغلبت روح التقديس للآراء والأفهام التي دونها السابقون ، والسمو بها على مستوى النقد ، وعدم الاكتراث بما قد يظهر من آراء جديدة ، ولو كان لها من السداد والقوة ما لها.
٣ ـ تغلبت نزعة الإشتغال بالفروض والاحتمالات العقلية التي لا تقع وما يتصل بها من أحكام ، فتراهم يقولون : لو طلقها نصف تطليقة أو ربع تطليقة ، ولو قال لها أنت طالق إن شئت ، فقالت له : شئت إن شئت ، وتراهم يقولون : لو تزوج جنية ، فالحكم في النسب والميراث كذا ...
ولقد أكثروا من هذا في العبادات والمعاملات ، وأنفقوا فيه من الوقت والتفكير ما كان جديرا بهم أن يدخروه للنافع المفيد ، ووصل الأمر في ذلك إلى أن الكمال بن الهمام وهو من أفذاذ علماء القرن التاسع يقول : ومن مسائل قبل وبعد ما قيل منظوما.
رجل علق الطلاق بشهر |
|
قبل ما بعد قبله رمضان |
ثم يندفع في تخريج هذا الفرض وبيان حكمه ، ثم يأتي بعده ابن نجيم الحنفي ـ صاحب البحر والأشباه ـ فيتولى الشرح والبيان والتكميل