ويقول : «إن هذا البيت يمكن إنشاده على ثمانية أوجه ، الخ.
ويشاركه في ذلك علماء عصره ثم يأتي من بعدهم ابن عابدين من علماء القرن الثالث عشر فيضع رسالة في هذا الفرض تحت عنوان «إتحاف الذكي النبيه ، بجواب ما يقول الفقيه» ، يشرح فيها أبياتا أولها :
ما يقول الفقيه أيده الل |
|
ه ما ولا زال عنده الاحسان |
في فتى علق الطلاق بشهر |
|
قبل ما بعده قبله رمضان |
ويورد في الرسالة آراء جميع من تقدمه من العلماء في الشرح والحكم ، ولا بد أن يجعل الجواب نظما كالسؤال ، وهكذا اشتغل المتأخرون بمثل هذه الفروض وأعرضوا بها عن تنمية الفقه العملي الذي يحتاج إليه الناس في معاملاتهم وقضيتهم.
٤ ـ تغلبت نزعة الاشتغال باختراع الحيل التي يتخلص بها من الحكم الشرعي ، ولقد تناولت هذه الحيل كثيرا من أبواب الفقه ، ولم تقف عند الحد الذي أثر عن الأئمة من جعلها وسيلة للتخلص من ضرر أو مكروه ، بل افترضوا حيلا يسقطون بها الواجبات ، ويفسدون بها الالتزامات ، فتجد حيلا لإسقاط الزكاة وحيلا لإسقاط حق الشفعة ، وحيلا لإسقاط عدة المطلقة ، وحيلا لإسقاط الحدود .. وهكذا مما لا يتفق ومقاصد الشريعة ـ ولقد أطنب ابن القيم أحد أفذاذ علماء القرن الثامن في كتابيه «أعلام الموقعين ، وإغاثة اللهفان من مصائد الشيطان» في الرد على فكرة الاحتيال على هذا النحو ، وبين أنها مضادة لروح التشريع ، وقال : «إن المتأخرين أحدثوا حيلا لم يصح القول بها عن أحد من الأئمة ، ونسبوها إليهم وهم مخطئون» ، وإذا علمنا أن العناية بالاحتيال الفقهي وصل أمرها إلى أن جعلوه فنا من كتبهم ، وبابا من أبوابها ، لأخذ منا العجب مأخذه ، فهذا ابن نجيم من علماء القرن العاشر يضع عنوانا في كتابه (الأشباه والنظائر) فيقول «الفن الخامس من الأشباه والنظائر وهو فن الجبل».