إلى الأزهر من أبناء مصر ، وأبناء كل شعوب العالم في مختلف أرجاء الدنيا.
وأحب أن ألخص الرسالة التي كان يؤديها الأزهر في هذا الشعب ، وينقلها عنه الوافدون إليه من مختلف أرجاء الدنيا إلى شعوبهم وأممهم فيستيقظ بها الغافي ، ويتنبه الغافل ، ويعرف الجاهل ، ويمضي إلى غايته المعرفة النافعة ، أصحاب العزائم لخير شعوبهم وخير الإنسانية في كل مكان.
وهذه الرسالة كانت تقوم ولا تزال على دعامتين : الأولى : الحرية ، والثانية : العدالة الاجتماعية.
فأما الحرية فإنها في رسالة الأزهر تنبع من الإسلام ، الذي قام على نشره والدعوة اليه والانتفاع به الوافدون عليه ، والمعتزون بالانتساب إليه. والحرية التي تنبع من الإيمان بالله والاعتزاز به والتأمل فيه والالتجاء إليه هي أمنع وأعز وأسمى ما يتطاول إليه أعناق طلاب الحرية في كل عصر وفي كل مكان.
وعن هذه العقيدة الإسلامية مضى فقهاء الإسلام الى تقويم الحرية تقويما يرتفع بها في أحيان كثيرة الى منازل لم يقدرها أحد كما قدرها هؤلاء الفقهاء.
وإليكم هذه الصورة من صور الاعتزاز بالحرية عند فقهاء المسلمين وهي قاعدة فقهية معروفة :
إذا ترافع مسلم ومسيحي أمام قاضي المسلمين في وليد لا يعرف أبوه فقرر المسلم أمام القاضي أن هذا الوليد عبد له ، وقرر المسيحي أن هذا الوليد ولد له ، فإن على قاضي المسلمين أن يحكم به للمسيحي ولدا ولا يحكم به للمسلم عبدا.