فترة اضمحل فيها الوعظ وقل الوعاظ لا في مصر وحدها بل في العالم الإسلامي كله. والوعظ كما تعرف أهم الوسائل لنشر الدين بأحكامه وآدابه وتقويم من انحرف عن سبيله وقد أثارت هذه الحال انتباه المصلحين فحاولوا علاجها وفكر جماعة منهم في سد الفراغ فأنشئوا مدرسة لتخريج الدعاة وتأهيلهم فنيا وسموها دار الدعوة والإرشاد ولكنها لم تلبث طويلا ولم تحقق الغرض منها فلما بدأ النشاط للشيخ في ميادين الوعظ أحس الناس بشغل كثير من ذلك الفراغ. فقد كان رحمه الله أمة في فرد يقوم بما تقوم به جماعة وفيرة العدد ولقد امتلأ إيمانا بوجوب حمل تلك الرسالة وحبب الله إليه هداية الناس حتى غدا ذلك الحب جزءا من طبيعته. فأنى رمت الهداية وجدت الشيخ يحمل مشاعلها في النوادي والجمعيات وفي العواصم والقرى من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب ولا يشغله عن رسالته شاغل. وكان الشيخ أسلوب خاص في وعظه وكان له أثر في نجاحه فقد كان يحاول أن يربط وعظه بأحداث المجتمع ومشاكله ويستمد منها العظة والعبرة ويتخير الأسلوب المناسب لمستمعيه محاولا أن يضفي عليه وسائل التشويق والإثارة من فكاهة طريفة أو نادرة لطيفة أو قصة ذات مغزى وهدف ليبعث نشاطهم ويجذبهم إليه وقد تأثر في طريقته بالإمام الغزالي وابن الجوزي فليس الوعظ عنده سرد الأحكام والتحذير الجاف المنفرد وإنما كان منهجه قول الله تعالى (ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ) ، وقول الرسول صلى الله عليه وسلم : يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا وقاربوا وسددوا.
وبالموعظة الحسنة والعرض اللطيف كان يبلغ غايته وهذه هي اللباقة في التبليغ وهذا هدى الأنبياء والمرسلين. ولقد تأثر بطريقة الشيخ تلامذته ففي كثير منهم ملامح من منهج الشيخ وأسلوبه وكان الشيخ سلفيا يحرص على المأثور ويحارب البدع لا يتسمح في شيء منها وألف فيها كتابا خاصا سبقت الإشارة إليه وقد أسهم بقلمه وجهده في أكثر الجمعيات الدينية التي وجدت أو كانت موجودة. أسهم في جمعية مكارم الأخلاق الإسلامية