بجانب نظام الحلقة في طريقة التدريس ، ورتبت كتب التعليم على حسب ما بينها من اختلاف في الحجم وفي أسلوب التعبير ، وعلى أية حال لم ينتقل التعليم في كل منهما طفرة ليساير الوضع الغربي سواء بسواء بسبب ما لكل منهما من طابع المحافظة على ما ورثناه من تراث روحي وفكري وعلمي ، وما لهما من طابع التمسك بالقيم التي خلفها آباؤنا في حياتنا وتوارثناها جيلا بعد جيل. وربما كان لهذا الطابع الذي للأزهر وجامع القرويين على السواء دخل كبير في مقاومة الغزو الفكري ، والغزو السياسي والاقتصادي للوطن العربي.
ويسوقنا من أجل ذلك الحديث عن وجه التشابه بين الأزهر وجامع القرويين في موقف كل منهما تجاه المستعمرين الغازين ، وفيما قام به كل منهما من حمل راية الجهاد والكفاح ضد المستعمر الأجنبي ، وفيما أصاب كلا منهما من نقمة المستعمر وعنته ، وفيما سببه المستعمر لحملة التراث الإسلامي والعربي في كل منهما من أذى وأضرار مادية وأدبية في المجتمع العربي الخاص والعام ، وفيما ضيقه من خناق على هؤلاء وأقامه من عقبات في سبيل سعيهم في الحياة ، وفي الحصول على وضع في المجتمع يجعل منهم مواطنين لهم ما لمواطنيهم الآخرين من حقوق ، وعليهم ما عليهم من واجبات.
وهناك التشابه بين الأزهر والقرويين في حفظ التراث الإسلامي والعربي وصيانته من التبديد والضياع ، فلم تفتر عناية كل منهما عن رعاية حفظ القرآن الكريم ودرسه وتفهم معانيه ولم تفتر رعاية كل منهما عن نقل ما كان للأولين العرب والمسلمين إلى خلفائهم من بعد جيلا بعد جيل من أفهام في القرآن ، ومن حلول لمشاكل الحياة ومن معارف كانت تدور في محيطهم الثقافي. وقد كانت صدور علماء وطلاب كل من الأزهر وجامع القرويين مقرا للقرآن الكريم ، وكانت عقولهم مرجعا لتفكير المسلمين ، وكانت