الجزنائي» في كتابه «زهرة الآس في بناء مدينة فاس» ـ هي ضيق المساجد التي يصلي فيها أهل العدوة وافتقارهم إلى مسجد جامع يلم شعثهم ويجمع شملهم وتلقى من فوق منبره الخطبة الرسمية.
ولقد تطلب تزايد عدد السكان واتساع نطاق المدينة إدخال إصلاحات جمة على مباني القرويين القديمة واستحداث مبان وصحون جديدة ألحقت بها ... فلم يكد ينقضي إلا نحو قرن حتى أصبحت مساحتها أربعة أضعاف ما كانت عليه بعد بنائها. كما ذكر مؤلف كتاب «القرطاس في أخبار ملوك المغرب وتاريخ فاس».
وكان من أوائل الذين لهم فضل السبق في إدخال هذه الإصلاحات على مسجد القرويين الخليفة عبد الرحمن الأموي الذي أسهم بمال كثير في تجديده ، وكان شديد الشغف بالمباني والمنشآت ، وكذلك السلطان علي بن يوسف بن تاشفين ، وغيرهما من الأمراء الذين عملوا على توسعة رقعته بشراء الأملاك والأراضي المجاورة له وضمها إلى القرويين ، حتى صار أعظم مسجد في أفريقيا الشمالية. وبدأت مع حلول سنة ٥٣٨ هجرية ، تعقد فيه حلقات التدريس في علوم الفقه والشريعة على أيدي علماء أجلاء وفدوا من القيروان ونقلوا معهم جل العلوم الدينية ، وإليهم يعزى الفضل في تحقيق هذه الخطوة التي تأخرت قرنين أو يزيد!
وتدور عجلة الأيام دوراتها السريعة ويزداد ازدهار القرويين في عهد المرابطين الذين بنوا فيها للعلم أمجادا وصروحا شامخة خلدها التاريخ. واستطاعت الجامعة أن تخرج عظماء وعلماء أحالوا المغرب في مدى قصير من «دويلة» كانت تتهاوى من الضعف ، وأمة يشيع فيها التأخر والجهالة ، إلى دولة يحكمها دستور السماء الكريم الذي أنزل على محمد عليه السلام.
وظلت القرويين معهد دراسة وعلم ، وتخرج فيها ملايين من المغاربة