في أجيال مختلفة. وظلت على مر القرون حصنا للعروبة والإسلام. واجتذبت شهرتها التي طبقت الآفاق عددا كبيرا من العلماء الأجانب من أنحاء أوروبا ومنهم الرحالة «جريريتا» والبابا «سلفستر» الذي نقل الأرقام العربية إلى الغرب ، كما نقل نظريات الفقه الإسلامي واستخدمها في تطوير القانون الروماني ، وكثير غيرهم من العلماء الأوروبيين الذين توافدوا على مر السنين ـ على القرويين ـ للإفادة من خزانتها التاريخية المملوءة بالمؤلفات والكتب والمخطوطات النفيسة النادرة ، في مختلف فروع العلوم والمعرفة ، وأطلعوا العالم بعد عودتهم إلى بلادهم على الحضارة التي تغمر البلاد الإفريقية والمغرب العربي بنوع خاص!.
ولعل أزهر عهد تحقق فيه للقرويين ما كانت تصبو إليه من أسباب النمو والتقدم ، كان عهد السلطان «أبي عنان المريني» ففيه أنشأت الجامعة أضخم مكتبة مزودة بالمخطوطات النادرة ، وشيدت مساكن خاصة للطلاب الذين يردون عليها من أطراف البلاد ، كما أجرى السلطان عليهم «جرايات» شهرية تكفيهم ليتفرغوا لطلب العلم ... كما كان للعلماء دور خاصة لسكناهم ، وخدم معينون يوفرون لهم كل وسائل الراحة حتى يستطيعوا التوفر على أداء رسالتهم نحو طلابهم على أكمل وجه.
وكان علماء القرويين من أغنى طبقات الشعب ، بسبب ما كان يسبغه عليهم الملوك من الهدايا وما يجرونه عليهم من الرواتب الضخمة!.
واستمرت جامعة القرويين تقوم بواجبها ، في حرية تامة ... إلى أن ابتلى المغرب بالاستعمار الفرنسي ، وأوجس الفرنسيون منها خيفة ... أرادوا في مبدأ الأمر أن يوصدوا أبوابها أمام الطلاب ، أو يحددوا عددهم ، زاعمين أن في ذلك ترقية للبلاد ... ولكنهم اصطدموا بمعارضة شديدة ... إذ فطن «المولى يوسف» الجالس على عرش البلاد لغرض المستعمرين من ذلك .. وأدى الصراع بينه وبينهم إلى انتباه جماعة من