إلى الأماكن الأثرية ومعالم السياحة ، وتعد لهم في الصيف مقاما هادئا على شواطىء البحر في الأسكندرية. وفي نهاية دراستهم تمنحهم شهادات ينتفعون بها عند عودتهم ، لا في التدريس فحسب ، بل في مختلف المناصب في بلادهم. ولقد بلغ عدد هؤلاء الضيوف في هذا العام اكثر من ثلاثة آلاف طالب ، هم سفراء الأزهر غدا إلى بلادهم. فإذا سارت الأمور على هذا المنوال لم تمض بضع عشرات من السنين حتى يكون الأزهر قد جعل من جميع الشعوب الإسلامية أمة واحدة متجانسة في ثقافتها ، كما هي متجانسة في عقيدتها وآدابها.
على أن الرسالة الحقيقة للأزهر لن تتحقق على وجهها الأكمل إلا إذا تجاوزت حدودها الإقليمية في الشرق الإسلامي ، وأسمعت صوتها من وراء تلك الحدود.
نعم إننا اليوم ـ وقد تنازعت العالم قوى متناحرة ، وآراء متنافرة ، قد عجزت أطرافها أن تلتقي عند حد وسط يوفق بينها. وقد أخذت في صراعها تسرع بنا الخطا نحو الكارثة الكبرى ـ أقول إننا اليوم لفي أمس الحاجة إلى قوة ثالثة تتسم بطابع التعادل والتوازن ، لا عن طريق التلفيق بين عناصر متناكرة ، بل عن طريق وحدة طبيعية متماسكة يتألف فيها عنصر المادة والروح ، وتتساند فيها مطامح المنفعة وعواطف الإيثار ، وتتعانق فيها حرية الفرد وسلطان الدولة ، وتندرج بها المصالح القومية في نطاق الرحمة الإنسانية العالمية ، وبالجملة فإننا اليوم في أشد الحاجة إلى تلك الحكمة الشرقية الإسلامية التي يعد الأزهر خير ممثل لآدابها ، ويوم يتمكن الأزهر من أن يصوغ هذه السياسة الرشيدة في أسلوب واضح سائغ محدد ، ويتيسر له من الوسائل ما ينشر به هذه المبادىء في الميدان العالمي ، ويبدي فيه المعسكران المتصارعان في الوقت نفسه من حسن النية وقوة العزيمة ما يجعلهما يصغيان إلى ندائه الحكيم ، يومئذ يكون لنا أن نتحدث بحق وصدق