عن ابن دقيق العيد (١) والقاضي أبو القاسم بن زيتون أخذ عن المنذري وعن عز الدين بن عبد السلام (٢) والقاضي عبد الحميد بن أبي الدنيا أخذ عن عز الدين بن عبد السلام (٣) وظهر في تلك الحقبة بتونس الإمام النحوي أبو الحسن بن عصفور ، وظهر كتابه «المقرب» في النحو وكتابه «الممتع» في التصريف ، وغيرها من كتبه فطار صيتها إلى مصر ، وتلقاها عنه بتونس الشيخ أبو حيان ، فروجها في مصر والتزمها وهو الذي اختصر المقرب (٤) ووفد على مصر الإمام الصوفي الشهير أبو الحسن الشاذلي بطريقته التي كان قد أسسها بتونس من أواخر القرن السادس وفيها ربى أصحابه ، ولقن أحزابه وكان له مجلس بجامع الزيتونة ، ثم تردد هو بنفسه على مصر وأخذ عنه فيها وصارت الأسكندرية المركز الثاني لطريقته واستقر بها خليفته أبو العباس المرسي ، وعنه أخذها ابن عطاء الله وانتقل بها إلى مصر ، واشتهرت الطريقة الشاذلية في مصر ، وانتشرت منها انتشارها الشرقي كما انتشرت انتشارها الغربي من تونس (٥).
وكذلك استمر هذا التواصل بين القاهرة وتونس يزيد ثباتا وتوثقا بابن الحاجب ، والقرافي ، وابن جماعة ، إذ كان من الآخذين عليهم : ابن راشد ، أخذ عن القرافي (٦) وابن جابر الوادناشي ، أخذ عن ابن جماعة (٧) وناصر الدين الزواوي ، أخذ عن ابن الحاجب. الذي نشر مختصره الفرعي في أفريقيا والمغرب (٨) وإبراهيم التنسي المطماطي ، أخذ عن القرافي ..
__________________
(١) شجرة النور الزكية رقم ٧١٤.
(٢) الديباج ص ٩٩ ط السعادة القاهرة.
(٣) شجرة النور ٤٥.
(٤) ترجمة أبي حيان في بغية الوعاة للسيوطي (محمد بن يوسف) وكذلك ترجمة ابن عصفور (علي بن مؤمن).
(٥) الدكتور عبد الحليم محمود الإمام أبو الحسن الشاذلي وطريقته.
(٦) نيل الابتهاج هامش الديباج ص ٢٣٥ ط السعادة.
(٧) الديباج ص ٣١٢ ط السعادة.
(٨) شجرة النور ٧٦٤ وابن خلدون ص ٣٧٦ ج ١ بولاق.