الآداب ما طفحت به رحلته التي سماها «تاج المفرق في تحلية علماء المشرق» وتوجد منها نسخ عديدة في مصر وفي تونس وغيرهما ـ مراجع أيضا للمدرسين والقضاة والمفتين.
وفي القرن الثامن بلغ التواصل العلمي بين مصر وتونس أوجه ، فتأكد اشتراك المشيخات ، وتبادل الإفادة والاستفادة ، وتناقل التأليف والروايات ، واستمر ذلك ممتدا متسعا مغرقا في القرون الموالية. فكان ظهور الشيخ خليل بن إسحاق ، الفقيه المالكي ، في القرن الثامن ، وبروز شرحه على مختصر ابن الحاجب ، الذي سماه «التوضيح» ثم بروز مختصره الفقهي الجامع الذي نال إعجاب أهل المغرب ، ممكنا لمصر منزلتها عند فقهاء المالكية بتونس ، كما كان في كتاب التوضيح أثر ظاهر للمشيخة التونسية في اعتماده على شراح ابن الحاجب الزيتونيين : ابن عبد السلام وابن هارون ، وابن وليد (١) وفي المختصر أثر واضح لمتقدمي الفقهاء الأفارقة ، مثل : اللخمي ، وابن يونس ، والمطرزي ، وهم ثلاثة من الأربعة الذين بني على اختياراتهم مختصر خليل ، كما هو مبين في خطبته.
وما ظهر مختصر خليل حتى أقبل الناس عليه بالحفظ والدراسة ، وتعليق الشروح ورسخت مكانته في دراسات جامع الزيتونة ، رسوخا لم ينقطع بعد. وشرح مختصر خليل أول ما شرح ، في مصر : شرحه القاضي بهرام الدميري (٢) : شرحيه الكبير والصغير ، فاقترن الشرحان بالأصل في اتساع السعة ، حتى أصبح بهرام يلقب بين جميع الكاتبين على مختصر خليل ، من بعد ، بلقب «الشارح» ودرس المختصر بتونس وجميع البلاد المغربية ، فكان من أشهر من اعتنى به تدريسا وشرحا : العلامة ابن مرزوق الحفيد (٣) وهو تونسي زيتوني ، بالطلب والمجاورة والتدريس ، وتتابع عليه
__________________
(١) تراجمهم الثلاثة في شجرة النور ٧٢٢ ، ٧٣١ ، ٧٣٦.
(٢) ترجمته في نيل الابتهاج ص ١٠١ هامش الديباج ط السعادة.
(٣) ترجمته في نيل الابتهاج أيضا ص ٢٩٣.