وقد سافر إلى فرنسا ورأى حرية هناك جعلته يشعر بالطغيان الذي يعانيه أبناء وطنه مصر ورأى ما يمكن أن يقدمه الفكر الراجح من أساليب النشاط الإنساني في شتى مناحي الحياة ، وفي فرنسا رأى الصناعة الزاخرة بالخير والنفع على الفرنسيين أجمعين فدعا إلى التصنيع في بلاده.
ولقد دعا رفاعة الطهطاوي ، المصريين إلى الحفاظ على نعمة الحرية وإعلاء شأن الفكر وإنشاء المصانع لتنافس أمتهم أرقى شعوب العالم في الحضارة والمدنية ، ولتعود إليها سيرتها الأولى في التقدم والازدهار.
وعاد رفاعة الطهطاوي إلى مصر وكله شعلة من الوطنية المتأججة ، فأشار على محمد علي بأن يصدر صحيفة «الوقائع المصرية» وتولى الشيخ رفاعة رياسة تحريرها وراح يكتب فيها المقالات التي تحث على استنهاض الهمم وبعث الشعور القومي وشحذ العزائم في سبيل خدمة الوطن.
وهي أقدم جريدة عربية على الإطلاق إذ لم تسبقها جريدة عربية أنشأها عربي في وطننا العربي الكبير.
وما صنعه رفاعة الطهطاوي لأمته يكثر إحصاؤه على المغرمين بالأرقام ، فقد ترجم عشرات الكتب من الفرنسية إلى العربية وأودع ثمراتها عقول أولئك المتعطشين إلى العلم والمعرفة ، وبارك الله في جهوده فألف وصنف ، وكانت غاية جهاده أن يرتقي بأمته إلى المكان الذي رأى فيه فرنسا.
ولقد خلف رفاعة الطهطاوي وراءه ثروة أدبية ضخمة هي طراز لما يجب أن يقوم به الرائد العظيم نذكر منها : (خلاصة الإبريز) والديوان النفيس) و (التعريبات الشافية لمريد الجغرافية) و (جغرافية ملطبرون) و (قلائد المفاخر في غريب عوائد الأوائل والأواخر) و (المرشد الأمين في تربية البنات والبنين) و (التحفة المكتبية) و (مواقع الأفلاك في أخبار تليماك) و (مباهج الألباب المصرية في مناهج الألباب العصرية) و