الفاطميين ثم تغير الوضع فيه إلى أن يكون التوجيه الذي يباشره يتصل بتوجيه أهل السنة ـ هذا التحول لا يغير من مهمته الأصلية وهي العناية بنشر مبادىء الإسلام والاحتفاظ بتراث المسلمين العقلي والروحي. ولذا فمحاولة وضع هوة في تاريخه بين عهدين له ، وإبراز مراحل تطوره على أنه كان لاتجاه معين انقلب إلى ضده فيما بعد ـ لا تقلل من شأن رسالته في واقع الأمر من حيث أنها رسالة الأمة الإسلامية والشعب العربي.
والأزهر بما له من هذا الماضي الطويل وبما وضع لنفسه من رسالة احتل في العالم الإسلامي منزلة كبيرة وخالدة في الوقت نفسه. وأصبح مركز تنوير المسلمين بمبادىء دينهم وأصبح أمر الاحتفاظ بالتراث الثقافي والروحي والأدبي للمسلمين مرتبطا ارتباطا قويا بمهمة الأزهر وبما يباشره من وظيفة ورسالة.
وإذا كان قد مرت على الأزهر أحداث تأثر بها وهي الأحداث التي تتصل بالوطن الإسلامي أو العربي ، وإذا كانت هذه الأحداث قد غيرت من اتجاهه وتحول بسببها من جانب إلى جانب ، فإن الشيء الذي يمكن الوقوف عنده في تاريخه هو سير الحركة العلمية وتغير طريقة البحث والدرس فيه. فحركة التأليف العربي التي وجدت في آخر القرن الأول الهجري وازدهرت في القرنين التاليين له مالت رويدا رويدا إلى الضعف من جانب والركود من جانب آخر ، وكان للأحداث الخارجية وهي أحداث المغول والتتار في الشرق وأحداث الصليبيين من الغرب أثر آخر بجانب ما لضعف حركة التأليف وركود النشاط فيه. وهذا الأثر سواء أكان عن طريق الأحداث الخارجية أم طريق العوامل الداخلية والمحلية هو تقوية روح التبعية للخصومات المذهبية وللمؤلفين فيما كتبوا في العهود المتأخرة في تاريخ التأليف العربي.
والأزهر عند ما قام يؤدي رسالة تنوير المسلمين اعتمد في ارسال