الشرقاوي ، ومحمد المهدي وسليمان الفيومي ، وحسن العطار. وتجلت ريادته في طلابه النجباء الذين أرسلوا إلى أوروبا ليستفيدوا ويستزيدوا ، كإبراهيم النبراوي ، وأحمد حسن الرشيدي ، ومحمد علي البقلي ، ورفاعة الطهطاوي ، وعلي مبارك ، وتلك يد أخرى لهذا المعهد الجليل على اللغة العربية ، ساعدها على النهوض ، كما حماها من قبل دون السقوط.
هاتان هما المحنتان اللتان عانتهما العربية في عهدين متواليين ، ثم جعل الله نجاتها منهما بفضل الأزهر حفظا لكتابه وصونا لدينه.
وهناك محنة ثالثة تجتازها اللغة اليوم وتوشك أن تبلبل اللسان وتعطل القرآن وتقطع الدين عن أصله ، وتفصل العربي عن أهله ، وتهبط بالأدب من جبل الوحي وهيكل عطارد حيث الترفع والسمو والنبل ، إلى حضيض المادية حيث التسفل والتبذل والفحش.
تلك هي محنة الإباحية اللغوية التي تغلب العامية على الفصحى ، وتؤثر أدب العامة على أدب الخاصة ، وتفضل الموضوع المثير على الموضوع المنير ، وتريد أن يكتب الكاتب وينظم الشاعر كما يشاء ، لا يتقيد بقاعدة من نحو ولا قياس من صرف ولا نظام من بلاغة ولا وزن من عروض ولا مثال من خلق. ولهذه المحنة أو المشكلة أصلان : الاستعمار والجهل. أما الاستعمار فلأنه رأى أن الرابطة بين المسلمين على اختلاف أقطارهم وتباعد ديارهم هي الدين واللغة ، وما دامت أمة محمد روحا واحدا بالإسلام ، ولسانا واحدا بالعربية ، فإن استغلالها موقوت وإن طال ، وإن استقلالها آت وإن تأخر ، لذلك سعت فرنسا سعيها الدائب في الجزائر لفتنة البربر عن دينهم بإصدار الظهير المعروف ، وقطع العرب عن لغتهم بطردها من المدارس والدواوين. ولكن دين الله كان أقوى من ظهير فرنسا ، ولغة المصحف كانت أمضى من لغة السيف. واكتفت انجلترا على عادتها من الدهاء والكياسة بمحاربة الفصحى فدعت إلى العامية بلسان موظفيها