أبوابه خاشعين يلتمسون منه العون على ما ينجم من أحداث ، والرأي فيما يشكل من الأمور.
والسلطان سليم نفسه قد زاره مرارا فصلى فيه وتبرك به. ومن قبل قد غزا الأزهر بلاد الأتراك بعلمه وأدبه وكتبه فعرب طائفة منهم تعلموا العربية وتكلموا بها وألفوا فيها كالفيروز أبادي وأبي السعود والفناري وملا خسرو والجامي والخيالي وخوجه زادة وملا مسكين وملا لطفي وحاجي خليفة وطاشكيري زاده وابن كمال باشا وكان سلاطين العثمانيين أنفسهم يدرسون العربي وآدابها كما كانوا يدرسون التركية وآدابها ، ومنهم من قرض الشعر العربي ورواه كالسلطان أحمد الأول فقد رووا له قصيدة غزلية مطلعها.
ظبي يصول ولا وصول إليه |
|
جرح الفؤ بصارمي لحظيه |
ولم تضعف عناية علماء الترك بالعربية إلا في عهد السلطان محمود الثاني وابنه السلطان عبد المجيد الأول حين أحييا اللغة التركية وقربا مواردها وبسطا قواعدها وسمياها اللغة العثمانية ، فأنتم ترون أن اللغة العربية قد أتى عليها ستة قرون قضتها بين الاحتضار والموت ، ثلاثة منها في العصر المغولي ، وثلاثة أخرى في العصر العثماني ، أمحت فيها من الهند وخراسان والعراق وبلاد الروم والأندلس ، وبقيت في الأقطار العربية بقاء المريض أشرف على الموت ولم يبق منه إلا رمق ذلك الرمق هو الذي كفله الأزهر وتعهده فغذاه وقواه ورعاه ، حتى إذا انجاب عن مصر قتام الحكم العثماني وأراد الله لشمس الحضارة أن تشرق مرة أخرى على وادي النيل زايل اللغة الوهن وسرت فيها الحياة ، ففي الأزهر كان ملاذها وغياثها ، وفي الأزهر كان بقاؤها وانبعاثها.
كان الأزهر بعد انتهاء تلك الغمرة باحتلال نابليون ، وابتداء هذه النهضة باستقلال محمد علي ، قائد الشعب في الكفاح ورائد الحكومة في الإصلاح ، تمثلت قيادته في شيوخه الأجلاء خليل البكري ، وعبد الله