ذلك كله بما في مصر ، متتبعا ذلك ، في إيطاليا مقر البابوية ، بمعاهدها الدينية وفي المانيا وغيرها ، بالجامعات المدنية. ثم أعود بالذاكرة إلا ما بعد ذلك ، إذ أرجع إلى مصر فأشارك في هذه الشئون بها ، مشاركة مفكرة منظمة ، مشرعة معلمة إلى حوالي سنة ١٩٤٠ م ـ نحو سنة ١٣٦٠ ه ـ ثم إلى ما بعد ذلك في تجربة معانية ، مراقبة ، عنيفة ...
أعود بالذاكرة إلى ذلك كله ، لأرقب سير التطور في هذه الناحية من صلة الدين بالحياة ، وإصلاح الدين ، والإصلاح به فأجيب عن أسئلتك ، بما يحدث به اتجاه ذلك التطور ، ودلالة سيره ، على هذه الرسالة الأزهرية وأدائها وعلى غير ذلك من الشئون الدينية الحيوية .. وإذ أعود إلى هذه المذكرات المحفوظة أو المكتوبة ؛ أذكر سنة ١٣٥٥ ه ـ ١٩٣٦ م إذ التقى ثلاثة من جلة الأشياخ ، ومنهم رابع وآخر جامعي لتقدير ما كتب من أبحاث ، في مسابقة من تلك المسابقات التي أثارها على ماهر ، ومن بينها مسابقة عن رسالة الأزهر في القرن العشرين .. اجتمع هؤلاء المجتمعون ليروا كيف يقدرون ما كتب عن هذه الرسالة وبأي ميزان يزنونه .. فانتهى الأمر بعد لأي إلى أن للأزهر رسالات ثلاثا : رسالة اجتماعية وأخرى دينية وثالثة علمية .. وقبل الانتهاء إلى هذه الرسالات الثلاث كانت الرسالة الاجتماعية من بين هذه الثلاث موضع اعتراضات ومناقشات حادة طويلة من أحد أولئك الذين عهد إليهم الدهر بعد بالإشراف على أدائها .. فقيل : ما ذا تكون الرسالة الاجتماعية إلى جانب الدينية؟ وكيف تتغايران؟ وبم تختلفان؟ وهل للأزهر رسالة وراء وجوده الديني الإسلامي؟! وقيل في ذلك شيء كثير ، سجل بعضه بحث عن تلك الرسالة الأزهرية لصاحب هذه الكلمات ، بيانا لما كان من أمر الأزهر أول إنشائه دعاية لسياسة معينة وعقيدة معينة ، فعرف بذلك التوجيه الاجتماعي في نشأته ، فكيف به الآن ، وقد عمر في قومه أكثر من عمر نوح بخمسين سنة وأكثر .. ثم هذا الأزهر بعد ذلك وغير بيئة دينية قد تهيأ لها من أسباب المناعة والصيانة ما تستطيع به