فاستدعاه اللورد كتشنر العميد البريطاني في ذلك الحين وقال له : كيف تشترط هذا ونحن نرفع مرتبك إلى أكثر من سبعة أضعاف مرتبك الحالي؟ فقال فضيلته : «لن أقبل التعيين إلا إذا عينت بمرسوم مصري فسن بذلك سنة أجبرت عليها بريطانيا ، بأن صار تعيين قاضي قضاة السودان بموجب مرسوم ملكي مصري.
وكان للشيخ أثناء عمله بالسودان موقف مشرف تجاه ثورة الشعب المصري عام ١٩١٩ ، فقد روي ضباط الجيش المصري الموجودون بالسودان روايات كثيرة عن وطنيته آنذاك. حيث قاد الثورة المصرية في السودان بخطبه الثورية الفوارة وظل الشيخ وهو بالسودان يرقب أحداث الثورة المصرية وتطورها ويوجه المصريين وجهة الخير ، وكان قطبهم الذي يدورون حوله. وكان يجمع من المصريين والسودانيين ، التبرعات المالية للإنفاق منها على بعض نواحي الثورة كاسعاف الجرحى ومواساة أسر المنكوبين ، مما جعل وجوده في السودان خطرا مستفحلا على النفوذ الانجليزي به ، فتخلصوا من الشيخ وسافر إلى مصر.
ومن أشهر مواقفه السياسية ما كان منها أثناء نشوب الحرب العالمية الثانية فقد هاله وروعه ما أحدثته غارات دول المحور على مدن مصر من دمار وخراب وتقتيل وتشريد للأنفس البريئة ، فخطب في مسجد الرفاعي خطبة بليغة أعلن موقف مصر منها وأنها لا مصلحة لها فيها في الاشتراك في الحرب ولا ناقة لها فيها ولا جمل. ولقد أحدثت تلك الخطبة ضجة هائلة وقامت لها الحكومة المصرية وقعدت واهتزت لها الحكومة الإنجليزية بعنف. وطلبت إلى الحكومة المصرية بيان موقفها من هذه الفكرة واتصل به رئيس الوزراء وخاطبه في لهجة يفوح منها رائحة التهديد فثارت ثائرته وقال له : مثلك يهدد شيخ الأزهر وشيخ الأزهر أقوى بمركزه ونفوذه بين المسلمين من رئيس الحكومة؟ ولو شئت لصعدت منبر الحسين وأثرت عليك الرأي العام ولو فعلت لوجدت مكانك على الفور بين عامة الشعب.