لقد قال بعض رجال الصحافة : لم يشهد العالم لا في أوروبا ولا في مصر حفلا اجتمع له من أسباب الروعة والنجاح مثلما اجتمع لذلك الحفل العظيم.
عاد الشيخ إلى الأزهر مرة ثانية ليواصل ما بدأه من إصلاح وكان الإصلاح في نظره يقوم على ركنين : تخريج العالم الكفء الذي يصلح لتأدية رسالة الأزهر وهي نشر الدين في مصر وغيرها والثاني كفالة المستقبل لخريجي الأزهر ليحتفظوا بكرامتهم ويؤدوا رسالتهم. ولتحقيق الركن الأول أضاف إلى العلوم التي كانت تدرس في الأزهر علوما رآها ضرورية ، كما أضاف إليها بعض اللغات الأجنبية ، ولتحقيق الركن الثاني ، بين في القانون حقوق الخريجين في كل كلية من وظائف الدولة. وأخذ الشيخ يواصل خطواته في إصلاح الأزهر فأوفد بعثات أزهرية إلى أوروبا ، وأنشأ قسم الوعظ والإرشاد ووضع مشروع مباني المدينة الأزهرية التي تجمع كلياته ومعاهده ومكتبته العامة ومساكن للطلبة ، وأنشأ لجنة الفتوى بالأزهر فأصبحت منارة للمسلمين من سائر أنحاء العالم الإسلامي في شئونهم الدينية. وقد أحيا في عهد مشيخته الثانية سنة علمية دينية قديمة وذلك بالقاء كبار العلماء دروسا للملوك والأمراء ، فأخذ يلقي على الملك فاروق وكبار رجال الدولة وجمهرة من الشعب دروسا في تفسير القرآن الكريم في عصور وأمسيات كل جمعة من رمضان مدة عشر سنوات بأسلوب مبتكر في التفسير آثار إعجاب العالم الإسلامي كله.
أما عن مواقفه السياسية والوطنية فهي أكثر من أن تحصى ، وإن كان لا بد لنا من أن نعدد جانبا منها ، فعلينا أن نسرد التالي : حدث بعد تخرجه في الأزهر أن عين قاضيا للسودان ثم غضب عليه الانجليز ، فعاد إلى مصر وعين مفتشا في المساجد ، وبعد ذلك عرض عليه الانجليز مرة أخرى منصب قاضي قضاة السودان ، وبذلك يقفز مرتبة من ٦ جنيهات إلى ٤٥ جنيها فقال : إنه يوافق على ذلك بشرط أن يعين بمرسوم مصري ـ ديكريتو ـ