الدهر علمني الشكوى فقمت بها |
|
طوعا وكرها وخير العلم أفشاه |
أشكو الزمان وفي الشكوى رفاهية |
|
وما علاج شقي غير شكواه |
تنفس الصعد تفريج ذي حرج |
|
والضيق يفتح من ذي ضيقة فاه |
القدر منفجر لو لا تبخره |
|
والقلب منفطر لو لا شكاواه |
فالقلب من حطب والبؤس من لهب |
|
وفي الشكاة لنار الهم أمواه |
الهم يثقل والشكوى تخففه |
|
فقد ترى سامعا يؤتيك جدواه |
إن لم أجد صاحبا فالليل يؤنسني |
|
نجومه ودياجيه وإصغاه |
ورب سامع شكوى شامت فرح |
|
وذي ملال يريني غير نجواه |
ولا أرى مخلصا في الضيق يسعدني |
|
ولا غنى لي عمن لست أهواه |
طبائع الناس شر لا يفارقهم |
|
والخير كسب لبان الفكر غذاه |
لو نالني الشر منهم كنت عاذرهم |
|
وإن أتى الخير قلت للطرف هياه |
إن يجهلوا خاصموا أو يعلموا نقدوا |
|
ويبطنون بلؤم ضد ما فاهوا |
فالكل للكل أعداء وعنصرهم |
|
به أنانية في بدء مبناه |
مهما أحبوا فحب الذات رائدهم |
|
وعبرة الحب برهان بمغزاه |
وهكذا الناس عباد لأنفسهم |
|
كل يرى الغير عبدا وهو مولاه |
لو لا حوائجهم ما ألهوا أحدا |
|
أدنى الأنام من الإلحاد أغناه |
هم والوحوش سواء لا يميزهم |
|
إلا عقول وتقديم وأفواه |
مع التمدين والقانون أنفسهم |
|
شتى وكل له في العيش أهواه |
كل له غرض تحفيه طينته |
|
ولو درى خلد ما فيه جافاه |
الخير يخدع في معسول منطقه |
|
والشر يكمن في داجي حناياه |
لو شف صدر جميل عن دخائله |
|
لشوهت نفسه ما في محياه |
لو أخطأ الشر إنسانا ولم يره |
|
فسله وحيا فما جبريل إلا هو |
وما أبرىء نفسي إنني بشر |
|
النفس تأمره والروح تنهاه |
صدري لضدين من جيشين معترض |
|
ما يرض هذا فهذا ليس يرضاه |
لكن نفسي صفت من طول ما رزقت |
|
حتى رأت كل ما يسطاع مرآه |