العبودية والاستعمار ، وتكوين حكومة إسلامية موحدة تهتدي بهدى الإسلام ، وبعث الروح القومي في الشرق عن طريق الإصلاح الديني العام .. وكان محمد عبده يريد النهوض بالشرق الإسلامي سياسيا عن طريق النهضة الثقافية به ، ويرى أن الإسلام هو السبيل لتمهيد حركة الإصلاح وتغذيتها ، وأنه هو والعقل والعلم إخوة ، ولذلك دأب على الدعوة إلى تصحيح العقيدة ، وإذاعة رسالة الإسلام ، وإيقاظ الشعور العام بإيقاظ الروح الديني .. وخفتت بعد محمد عبده دعوة الإصلاح في الشرق ، وإن لمعت جذوتها حينا في أفكار الشيخ مصطفى المراغي ، رحمه الله ، الذي كان يعمل للنهوض بالأزهر الحديث حتى يصل إلى مستوى الجامعات الكبرى في الشرق والغرب .. كما أضاءت الشعلة حينا آخر في آراء الشيخ مصطفى عبد الرازق وحمروش وعبد المجيد سليم ، الذين كانوا يحرصون على إحياء التعارف والتعاون بين المسلمين عامة. ولكن هذه الآثار لم تكن على جانب خطير من الأهمية في الإصلاح الديني في الشعوب الإسلامية في القرن العشرين.
ـ ٢ ـ
رسالة الأزهر في رأي المراغي :
رسالة الأزهر عنده هي حمل رسالة الإسلام .. ومتى عرفت رسالته عرفت رسالة الأزهر. والإسلام دين جاء لتهذيب البشر ورفع مستوى الإنسانية والسمو بالنفوس إلى أرفع درجات العزة والكرامة ، طوح الإسلام بالوسطاء بين الناس وربهم ، ووصل بين العبد وربه ، ولم يجعل لأحد فضلا على أحد إلا بالتقوى ، وقد العلم والعلماء ، وقرر في غير لبس ما يليق بذات الخالق من الصفات ، وما قرره في ذلك هو منتهى ما سمت إليه الحكمة ، ووصل إليه العقل ، وفرض عبادات كلها ترجع إلى تهذيب النفس