انتقل إلى الرفيق الأعلى ، ثم تفرقوا في البلاد غازين فاتحين معلمين للناس ما تعلموه من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكيف أن هذه البلاد استفادت منهم وتخرج عليهم علماء كثيرون في مشارق الأرض ومغاربها ، وأن الأزهر جمع علم هؤلاء جميعا وعلم مدارسهم كلها من مكة والشام والمغرب وغيرها من البلاد.
وقال بعد ذلك : إن الأزهر منذ بدأ وله علاقته بالعالم الإسلامي لا في الثقافات والمؤلفات فقط ولكن في عالم الأشخاص ، وإلا فما هذه الأروقة الكثيرة من أروقة اليمن ، والأتراك ، والجاويين ، والهنود ، إلى غير ذلك.
إن الأزهر يبدو ـ كما يقولون ـ منطويا على نفسه ، ولعمري إن هذه فرية ، متى كان الأزهر منطويا على نفسه؟ الآن ..؟ أم في أعماق التاريخ؟ لا أريد أن أقول : إن محمدا عبده قد ذهب إلى بيروت وأوروبا وغيرهما .. ولكني أريد ضرب مثل برجلين من رجال الأزهر القديم هما الشيخان حسن العطار ، والدرديري ، وذكر ما كان لهما من أثر جليل في محاربة الفرنسيين ، وقيادة الشعب وتأليبه على الغاصب.
أما رجال الأزهر حديثا فهم أكثر من أن يحصوا ، فعلماؤنا اليوم في كل صوب وبلد ، ـ ثم أشار إلى فضيلة الأستاذ عبد المنعم النمر ـ وقال : وهذا مثل قريب منا فضيلة الأستاذ النمر سيذهب إلى الهند في الأيام القليلة المقبلة مبعوثا من الأزهر إليها.
ثم تحدث فضيلة الأستاذ الشيخ محمد عبد اللطيف السبكي مدير التفتيش بالأزهر الشريف فقال : أستطيع أن أحصر كلمتي في سؤالين ثم أجيب عنهما أولا : لم كان الأزهر؟؟ .. ثانيا : ولم كان في مصر وعاش بمصر؟. ثم ذكر أن الدعوة الإسلامية كانت تمتد في أعماق البلاد على ألسنة من يرتحلون من قطر إلى قطر ـ وأن هذا ليس بكاف للتعليم ـ ظلت كذلك مرحلة من الزمن حتى جاء الفاطميون ، وأقاموا الأزهر.