الدروس والمحاضرات ، وحدثت في تأليف الكتب أيضا ، وهذا المثل ينطبق علينا ، ففي جميع الكتب التي تدرس في الأزهر ، وفي جميع العلوم التي تدرس في الأزهر ، أعلاق نفيسة لا تحتاج إلا إلى تغيير طريقة العرض في الدرس والتأليف ، وفي الفقه الإسلامي نظريات تعد الآن أحدث النظريات عند رجال القانون ، وفي الفقه الإسلامي آراء يمكن أن يسير عليها الناس الآن من غير حرج ، وهي تحقق العدالة في أكمل صورها. ولكن هذه النظريات البالغة منتهى الجمال والحكمة يحجبها عن الناس أسلوب التأليف القديم.
على الأزهر أن يسهل فهم علومه على الناس ، وأن ييسر لهم هذه المعارف ، وأن يعرضها عرضا حديثا جذابا مشوقا ، ومسألة أخرى يجب أن يعني الأزهر بها : هي تطهير الدين الإسلامي من البدع ، وما أضيف إليه بسبب الجهل بأسراره ومقاصده ، فهناك آراء منثورة في كتب المذاهب وفي غير كتب المذاهب يحسن سترها ضنا بكرامة الفقه والدين.
من الواجب أن يعترف بأن المذاهب الإسلامية جملة تغني عن الاجتهاد في المسائل التي عرضت من قبل متى تخير العلماء منها ، وأذكر قصة طريفة تجدونها في كتاب الولاة والقضاة للكندي : «كان في مصر قاض شافعي المذهب في عصر الإمام الطحاوي. وكان يتخير لأحكامه ما يرى أنه محقق للعدل من آراء الأئمة ولا يتقيد بمذهب. وكان مرضى الأحكام لم يستطع أحد أن يطعن عليه في دينه وخلقه ، سأل ذلك القاضي الإمام الطحاوي عن رأيه في واقعة من الوقعات. فقال الطحاوي : أتسألني عن رأيي أم عن رأي أبي حنيفة؟ قال القاضي : ولم هذا السؤال؟ قال الطحاوي : ظننتك تحسبني مقلدا. فقال القاضي : ما يقلد إلا عصبي أو غبي؟» ، فتخير الأحكام نوع من الاجتهاد ، ولكنه الاجتهاد الذي لم يغلق الناس أبوابه ، فإصلاح التعليم في الأزهر واجب اجتماعي لإصلاح الأمم