أو يتلقوا هذه الصور الكريمة بما يليق لأصحابها من احترام وتوقير ، وتعظيم وتقدير ، فيدخلوا في باب من أبواب التشبه بعبدة الصور ، وحينئذ يلجون على الشرك أو يلج عليهم الشرك من باب أمرنا الإسلام بسده ، ونهى الدين عن ولوجه ، أو أن يحوم المسلمون حوله بتحريم التصوير ولعن المصورين وحظره اتخاذ الصور ، هذا إلى أن تصوير النبي وصحبه وخلفائه (وهم الذين يحرمون التصوير ويحظرون اتخاذ الصور) مؤذن باستخفاف المصور وكل من يقره أو يرضى عن عمله بأصحاب هذه الصور.
فمن أبرز إنسانا على هيئة أو صورة يكره اتخاذها لغيره ، بله أن يكون قد جاء بدين يحرم اتخاذ الصور فهو مزدر بصاحب هذا الدين ومستخف به. ولو أن إنسانا رسم الدكتور طه حسين الآن في زي : فوق رأسه عمامة وعليه قفطان وجبة وبيده مسبحة ، فإني أحكم بأن الذي فعل ذلك مستخف بالدكتور مستهزىء به ، ذلك بأني أعلم أن الدكتور طه نبذ الزي منذ أعوام وحرمه على نفسه ، فمن يصور النبي وهو يعلم أن النبي قد حرم التصوير ونهى عن اتخاذ الصور ، فقد اقترف إثما مبينا ، واقترب من الكفر بهذا النبي وشريعته ودينه. إن للدكتور طه أن يكتب للناس ويخلبهم بسحر بيانه وأن يعرض على القراء من صفحات التاريخ الإسلامي صفحات رائعات يبين لهم فيها أن المسلمين في أول ظهور الإسلام لم يكسبوا حريتهم إلا بالجهد والصبر والمقاومة والثبات ، تلك الخلال المجيدة التي كسبهم إياها أيمانهم ومكنها من قلوبهم صدقهم في الإيمان ، وأن يصور لهم في ذلك ما يشاء بأسلوبه الطلي وبيانه الساحر الوحي ، لعلهم يرجعون إلى نفوسهم ، ويتعرفون مكامن الداء في قلوبهم فيداووها ، فإن الله ليشكر له ويجزل ثوابه على ما يقدم من عمل على حسب نيته ، غير أني أرباء بالدكتور عن أن يخرج عن طبيعته ويعدل عن صنعته وأن يحاول أن يجحد بيانه ويبدل سحره وإحسانه ، ويجعل من ذلك صورا ميتة ورسوما جامدة لا فائدة من ورائها ، فإن أبى لنفسه إلا ذلك فإني أنصح له ألا يسيء إلى المسلمين وألا يمتهن