الدين الغوري (٦٦) فأعلمه بما كان في نفسه وسأل منه الإعانة بالعساكر والمال على أن يشاطره ملكه إذا استقام له ، فبعث معه الملك حسين عسكرا عظيما ، وبين هراة والتّرمذ تسعة أيام فلما سمع أمراء الإسلام بقدوم خليل تلقّوه بالسمع والطاعة والرغبة في جهاد العدو.
وكان (٦٧) أول قادم عليه علاء الملك خذاوند زاده صاحب ترمذ (٦٨) ، وهو أمير كبير شريف حسينى النسب ، فأتاه في أربعة آلاف من المسلمين ، فسرّ به وولّاه وزارته وفوّض إليه أمره وكان من الأبطال وجاء الأمراء من كل ناحية واجتمعوا على خليل والتقى مع بوزون ، فمالت العساكر إلى خليل واسلموا بوزون وأتوا به أسيرا فقتله خنقا بأوتار القسّي ، وتلك عادة لهم أنهم لا يقتلون من كان من أبناء الملك إلا خنقا! واستقام الملك لخليل.
وعرض عساكره بسمرقند فكانوا ثمانين ألفا عليهم وعلى خيلهم الدروع (٦٩) ، فصرف العسكر الذي جاء به من هراة ، وقصد بلاد المالق ، فقدم التتر على أنفسهم واحدا منهم ، ولقوه على مسيرة ثلاث من المالق بمقربة من أطراز (٧٠) وحمى القتال وصبر الفريقان فحمل الأمير خذاوند زاده وزيره في عشرين ألفا من المسلمين حملة لم يثبت لها التّتر ، فانهزموا واشتدّ فيهم القتل ، وأقام خليل بالمالق ثلاثا وخرج إلى استيصال من بقى من التتر ، فأذعنوا له بالطاعة وجاز إلى تخوم الخطا والصين ، وفتح مدينة قراقرم ومدينة بش بالغ (٧١) ، وبعث إليه سلطان الخطا بالعساكر ، ثم وقع بينهما الصلح وعظم أمر خليل وهابته الملوك وأظهر العدل ورتب العساكر بالمالق وترك بها وزيره خذاوند زاده ، وانصرف إلى سمرقند وبخاري.
__________________
(٦٦) سنعرف المزيد عن غياث الدين الغوري ...
(٦٧) يتعلق الأمر على ما يظهر بالحلف المبرم بين الرؤساء المسلمين المغول يعني رؤساء ما وراء النهر ضد المغول الكفار في الشرق.
(٦٨) كان الأشراف المنحدرون من الأمير محمد صاحب ترمذ يتمتّعون بالتّقدير الكبير في المنطقة ابتداء من القرن السابع الهجري ـ الثالث عشر الميلادي ، ولكون محمد خوارزمشاه يوجد في صراع مع الخليفة العباسي الناصر ، فقد عيّن أحد المعارضين للخلافة في شخص أحد الأشراف ، المعروف فيما بعد تحت اسم خذا وانده زاده ـ الشخص المذكور من قبل ابن بطوطة كأمير كبير يظهر أنه ينحدر من هذه الأسرة ـ عن صراع خوارزم مع الناصر انظر تاريخ ابن الأثير الجزري وابن واصل.
(٦٩) حول استعمال الدّروع بالنسبة للخيول والرحال عند الجيش المغولي انظر بلانو كاربينى plano carpini وقد وقفت في عدد من المتاحف الشرقية على أنواع من دروع الخيول.
(٧٠) أطراز هكذا في النص (بالزاي) ويظهر أنه تحريف لكلمة أطرار (بالراء) وهناك مدينة تحمل ، اسم طرز على نهر تلاس talas على بعد ١٥٠ ميل شرق أطرار ونحو ٣٠٠ ميل غرب المالق.
(٧١) قراقرم العاصمة الأولى للمغول من (١٢٣٠ إلى ١٢٦٠) راح إليها جان دوبلان كاربان j.p.carpin سفيرا عام ١٢٤٦ لدى الخان الأعظم من البابا اينوصانت iv حيث ترك لنا مذكرات سفارته وكانت الأقدم مما وصلنا عن التتر ـ bishbaligh العاصمة الحالية لسينكيانغ ...