أحمد بن مروان ، نا إبراهيم بن إسحاق ، نا الزيادي ، عن العتبي ، عن أبي خالد ، عن أبيه قال :
قال أبي : وصيتي إياك بما أوصاني به مولاك ، كنت وصيفا لعمرو بن عتبة بن أبي سفيان ، فأسلمني في المكتب ، فلما حذفت وتأدّبت ألزمني خدمته ، فقال لي يوما : يا أبا يزيد ، فالتفت يمنة وشامة أنظر من يعني ، فقال : إيّاك أعني ، إنّا معاشر قريش لا ندعو موالينا بأسمائهم ، إنّك أمس كنت لي ، وأنت اليوم منّي ، وإنّ الناس لا ينسبون إلى آبائهم بولادتهم إيّاهم ، ولكن ينسبون إليهم بحكم الله فيهم ، ألا ترى لو أن رجلا أولد امرأة من غير حلّ لم يكن ولدها له ولدا؟ فلمّا كان المولود بحكم الله من أبيه كان المولى من أقاربه بحكم رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فاستدم النعمة عليك بالشّكر عليها منك.
أنبأنا أبو غالب شجاع بن فارس ، وأبو البركات بن المبارك ، قالا : أنا ثابت بن بندار ، أنا عبد الوهّاب بن علي بن الحسن ، نا المعافى بن زكريا ، نا علي بن سليمان ، نا الأخفش ، نا أبو العباس أحمد بن يحيى ، أو أبو العباس محمّد بن يزيد قال : نمي لي عن العتبي عن أبي خالد مولى عمرو بن عتبة قال :
قال أبي : أوصيك ، فذكر معنى هذه الحكاية ، وزاد في آخرها : فسمع ذلك عبد له فقال له صالح كأن منشأه بالمدينة ، فقال : يا مولاي اذكرني ذكرك الله ، فقال : يا صالح إنّك عرفت بعد ، قال : يا مولاي إنّ الثمرة قد تجتنى زهوا قبل أن تصير معوا قال : لله درك لقد استعتقت وقد وهبتك لواهبك.
قال المعافي : الزهو : البسر ، والمعو : الرطب.
أخبرنا أبو العزّ بن كادش ـ مناولة وإذنا وقرأ عليّ إسناده ـ أنا محمّد بن الحسين ، أنا المعافى بن زكريا القاضي ، نا أبو أحمد الجملي ، حدّثني القاسم بن الحسن الزبيدي ، نا سهل بن محمّد ، نا العتبي ، حدّثني أبي ، عن أبي خالد ، عن سفيان بن عمرو بن عتبة قال :
لما بلغت خمس عشرة سنة قال لي أبي : أي بنيّ قد انقطعت عنك شرائع الصبا ، فاختلط بالخير تكن من أهله ، ولا تزايله فتبين منه كله ، ولا يغرّنّك من اغترّ بالله فيك فمدحك ما تعلم خلافه من نفسك ، واعلم أنه ـ يا بني ـ لا يقول أحد في أحد من الخير ما لا يعلم إذا رضي إلّا قال فيه مثله من الشرّ ما ليس فيه ، إذا سخط ؛ فاستأنس بالوحدة من جلساء السوء تسلم من عواقبهم ، ولا تنقل حسن ظني بك إلى غيره.