أخبرنا أبو علي الحسين بن علي بن أشليها ، وابنه أبو الحسن علي قالا : أنا أبو الفضل بن الفرات ، أنا أبو محمّد بن أبي نصر ، أنا أبو القاسم بن أبي العقب ، نا أحمد بن إبراهيم القرشي ، نا محمّد بن عائذ قال : سمعت أبا مسهر عن محمّد بن شعيب ، عن حبيب قال : قال مالك بن عبد الله الخثعمي :
ما رأيت أشرف من رجل رأيته يوم اليرموك ، أنه خرج إليه علج فقتله ، ثم آخر فقتله ، ثم آخر فقتله ، ثم انهزموا وتبعهم وتبعته ، ثم انصرف إلى خباء له ، أسود عظيم ، فنزل فدعا بالجفان ودعا من حوله ، قلت : من هذا؟ قال : عمرو بن معدي كرب (١).
قال : ونا ابن عائذ ، نا عيسى بن يونس بن (٢) أبي إسحاق ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن قيس بن أبي حازم قال :
شهدنا فتح القادسية ، فكان عمرو بن معدي كرب الزّبيدي يمرّ على الصفوف فيقول : يا معشر المهاجرين كونوا أسدا أشداء ، [فإن الفارس](٣) أغنى شأنه ، تيس بعد أن يلقي نيزكه ، قال قيس : وفي القوم أسوار لا تسقط (٤) له نشابة فقلنا له : يا أبا ثور أتقي الإسوار لا يرميك ، ورماه فأصاب قوسه ، فحمل عليه ، فاعتنقه وذبحه وسلبه سواريّ ذهب كانا عليه ، ومنطقة ذهب بقباء ديباج.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو الحسين بن النقور ، أنا أبو طاهر المخلّص ، أنا أبو بكر بن سيف ، نا السري بن يحيى (٥) ، أنا شعيب بن إبراهيم ، نا سيف بن عمر ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن قيس بن أبي حازم قال :
مرّ بنا عمرو بن معدي كرب وهو يحضّض الناس بين الصفين وهو يقول : إنّ الرجل من هذه الأعاجم إذا ألقى مزراقه فإنّما هو تيس ، فبينما هو كذلك يحرّضنا إذ خرج إليه رجل من الأعاجم ، فوقف بين الصفين فرماه بنشابة ، فما أخطأت سبة قوسه وهو متنكّبها ، فالتفت إليه ، ثم حمل عليه فاعتنقه ثم أخذ بمنطقته ، فاحتمله فوضعه بين يديه ، فجاء به حتى إذا دنا
__________________
(١) الإصابة ٣ / ١٨.
(٢) بالأصل «نا» والمثبت عن م.
(٣) الجملة بالأصل : «أسدا أسدا عنى سانه انما القادسية يئس» وفي م : «أسدا أسدا عنى سانه انما الفارسي يئس» صوبنا الجملة عن الإصابة وتاريخ الطبري.
(٤) كذا بالأصل وم : «لا سقط» (؟!) ، وفي الإصابة : فرماه اسوار من الأساورة بنشابة ، والتصويب عن الطبري.
(٥) الخبر رواه الطبري في تاريخه ٢ / ٤١١ (ط. بيروت) حوادث سنة ١٤.