الحركة ، (١) أصغى إلى السماء بأذن ملهم ، وأغرى لسان الصّهيل ـ عند التباس معاني الهمز والتّسهيل ـ ببيان المبهم ، وفتنت العيون من ذهب جسمه ، ولجين نجمه ، بالدّينار والدّرهم ، فإن انقضّ فرجم ، أو ريح لها حجم ، وإن اعترض فشفق لاح به للنّجم نجم. (٢)
وأصفر قيّد الأوابد الحرّة ، وأمسك المحاسن وأطلق الغرّة ، وسئل من أنت في قواد الكتائب ، وأولي الأخبار العجائب؟ فقال : أنا المهلّب بن أبي صفرة ، (٣) نرجس هذه الألوان ، في رياض الأكوان ، تحثى به وجوه الحرب العوان ، (٤) أغار بنخوة الصائل ، (٥) على معصفرات الأصائل ، (٦) فارتداها ، وعمد إلى خيوط شعاع الشمس ، عند جانحة الأمس ، فألحم منها حلّته وأسداها ، واستعدت عليه تلك المحاسن فما أعداها ، فهو أصيل تمسّك بذيل الليل عرفه وذيله ، وكوكب يطلعه من القتام ليله ، فيحسده فرقد (٧) الأفق وسهيله. (٨)
__________________
(١) الحركتان : الطبيعية ، والإرادية معا ؛ مبدؤهما أمر داخلي غير خارج عن ذات المتحرك ، ثم تمتاز الحركة الإرادية بخضوعها لإرادة المتحرك وميله. أما الطبيعية فلا إرادة فيها ولا شعور ، وذلك مثل طلب الجسم الثقيل للجهة السفلى. وانظر تعريفات الجرجاني ص ٥٨.
(٢) النجم : الثريا ؛ والمعنى المراد ـ فيما أرجو ـ : لاح للثريا بهذا الفرس المعترض في الأفق نجم آخر هو غرته. وقد سميت الغرة نجما في شعر لابن نباته أورده عبد القاهر في أسرار البلاغة ص ٢٣٣ ، ثم إنه قد قال في وصفه : «وفتنت العيون من ذهب جسمه ، ولجين نجمه ، بالدينار والدرهم».
(٣) أبو سعيد المهلب بن أبي صفرة الأزدي. له مع الخوارج حروب ومواقع ظهرت فيها شجاعته. وقد ذكر أغلبها أبو العباس المبرد في «الكامل». وانظر الوفيات ٢ / ١٩١ ـ ١٩٥.
(٤) الحرب العوان : الحرب التي سبقتها حرب أخرى.
(٥) النخوة : العظمة ، والكبر ؛ والصائل : المستطيل المتوثب.
(٦) الأصيل : العشى ، والجمع الأصائل.
(٧) الفرقد : واحد الفرقدين ؛ وهم كوكبان من صورة بنات نعش الصغرى ؛ ويقال الفرقد على الكوكبين معا.
(٨) سهيل : كوكب من الكواكب الجنوبية ؛ ولذلك لا يراه سكان البلدان الشمالية مثل خراسان ، وأرمينية.