وتدوينه. إلا الأعاجم (١) وقد أيد بعض الباحثين رأى ابن خلدون.
والواقع أن ابن خلدون وغيره أغفلوا دور العرب تماما فى ازدهار الحياة الثقافية مثل الأصمعى والإمام الشافعى والقاضى أبى يوسف وحنين بن إسحاق والإمام أحمد بن حنبل الفقيه والمحدث ، وأحمد بن أبى دؤاد العالم بالكلام والكندى فيلسوف العرب ـ كما أن النهضة الثقافية لم تبلغ ما بلغته من تقدم إلا بفضل تشجيع الخلفاء العباسيين ، وحتى الأعاجم الذين ساهموا فى تقدم الحركة العلمية ، كانوا عربا مربى ونشأة ، وغلبت عليهم الحياة العربية وتأثروا بها ، وكانت الثقافة العربية هى محور دراساتهم وأبحاثهم.
ومن أسباب تقدم الحياة الثقافية فى بغداد أن أهل الذمة ـ كما قلنا ـ حظوا برعاية الخلفاء العباسيين ، وقدروا ذوى المواهب منهم ، وبذلك أتيحت لهم الفرصة لإبراز مقدرتهم العلمية ، وكان لمعرفتهم باللغات الأجنبية ـ خصوصا اليونانية والسريانية سببا فى اعتماد الخلفاء العباسيين عليهم فى حركة الترجمة إلى اللغة العربية.
ظهرت الحاجة إلى الاستفادة من العلوم التى توصل اليها الناس فى العصر العباسى الأول ، فقسم العلماء المسلمون العلوم إلى نقلية تتصل بالقرآن الكريم وتشمل علوم التفسير والقراءات وعلم الحديث والفقه وعلم الكلام وعلوم اللغة العربية كالنحو والصرف والبيان والشعر ، ويطلق عليها أحيانا العلوم الشرعية والنوع الثانى والعلوم العقلية وتشمل ، الفلسفة والطب وعلوم النحو والكيمياء والتاريخ والجغرافيا والموسيقى ، ويطلق عليها أحيانا العلوم الحكمية أو علوم العجم أو العلوم القديمة.
والعلوم العقلية يهتدى اليها الإنسان بفكره ، ويهتدى بمداركه البشرية إلى موضوعاتها ومسائلها حتى يعرف الخطأ من الصواب ويصيب
__________________
(١) ابن كثير ـ البداية والنهاية ح ١٠ ص ، ١٢٢