والإنجيل نقلا حرفيا ، وينقل بصفة خاصة عن وهب بن منبه ، وذكر أيضا عبادة الأصنام عند العرب فى الجاهلية ، وقبيلة قريش وشيوخها قبل الرسول صلىاللهعليهوسلم (١).
ويتضمن المبعث بعثة الرسول ، واعتمد على أخبار أهل المدينة ، وأضاف فى كتاباته معلومات دقيقة ، ووثائق على جانب كبير من الأهمية مثل الوثيقة التى منحها الرسول صلىاللهعليهوسلم لأهل المدينة واليهود بها ، وتنظيم المجتمع الجديد بالمدينة ، أما المغازى فتتضمن غزوات الرسول والسرايا وجهاد المسلمين فى سبيل الدفاع عن الإسلام ونشره ، غير أن المحدثين أخذوا عليه أنه كان لا يتقيد بإسناد الحديث لأنهم يشددون فى نسبة كل جزء من الحديث إلى قائله ، ولقد عاب ابن حنبل على ابن إسحاق توسعه فى نقل الأخبار ، وقال : إنه يجمع كتب الناس ، ويضعها فى كتبه.
يأتى بعد ابن إسحاق فى الأهمية فى بحثنا عن مؤرخى بغداد ، محمد بن عمر الواقدى ، كان من أهل المدينة انتقل إلى بغداد ، وولى القضاء بها فى عهد الخليفة المأمون بالرصافة ، وكان عالما بالمغازى والسير والفتوح واختلاف الناس فى الحديث والفقه والأحكام والأخبار ، وتوفى سنة ٢٠٧ ه ، وله من الكتب كتاب التاريخ والمغازى ، وأخبار مكة ، وكتاب الطبقات. وفتوح الشام ، فتوح العراق ، مقتل الحسين عليهالسلام ، كتاب السيرة .. الخ (٢) ، وقد روى أخباره عن علماء المدينة مثل مالك بن أنس ، وقد أستدعاه الخليفة المهدى إلى بغداد وأمره بأن يفقه الناس ، وأجزل له العطاء ، ويقول عنه البغدادى (٣) : «ولم يخف على أحد عرف أخبار الناس أثره وسار الركبان بكتبه فى فنون العلم من المغازى والسير والطبقات وأخبار النبى صلىاللهعليهوسلم والأحداث التى كانت فى وقته وبعد وفاته».
وقد نبغ الواقدى ـ كما يتضح مما سبق ـ فى التاريخ ، فكان لا يدع رجلا من أبناء الصحابة أو أبناء الشهداء ولا مولى لهم إلا وسألهم عما يعملونه من أحداث
__________________
(١) ابن النديم : الفهرست ص ٩٢.
(٢) ابن النديم : الفهرست ص ١٤٤.
(٣) ابن خلكان : وفيات الأعيان ج ٣ ص ٤٧٠.