التاريخ وأطلع على جميع المدونات والروايات التى جمعها من سبقه من مؤرخى سيرة الرسول صلىاللهعليهوسلم ومغازيه ، وكان لا يقتصر على النقل من الرواة ، وإنما ينتقل بنفسه إلى أماكن مغارى الرسول فالواقدى أول من رتب التاريخ حسب السنين ، ولقد استقاد الطبرى فى تاريخه من مؤلفات الواقدى ، وكان ابن إسحاق لا يذكر تواريخ الأحداث الأمر الذى يعقد من قراءتها.
ولقد استفاد كاتبه ابن سعد من كتابه فى طبقات الصحابة والتابعين ، وسار على منواله ، وحرص على الوصول إلى المصدر الصحيح. ولم يبق من كتب الواقدى سوى كتاب المغازى.
ويذكر فى أول كتابه شيوخه الذين أخذ عنهم مغازيه بعد مقدمة حدد فيها اليوم الذى هاجر فيه الرسول إلى المدينة ، ثم أورد فصلا عن مغازى الرسول صلىاللهعليهوسلم وسراياه ، ثم انتهى إلى إيجاز غزوات الرسول ، وبعد هذه المقدمة تحدث عن كل غزوة من الغزوات التى أجملها. تفصيلا ، والواقدى من أعلم الناس فى عصره بالمغازى والسير ، حجة فى التفسير والفقه والحديث ، وقد أعتمد عليه الطبرى فى تاريخه (١).
أما محمد بن سعد ـ كاتب الواقدى ـ فقد روى عن أستاذه ، وأعتمد فى كتبه على تصنيفات الواقدى ، وكان ثقة عالما بأخبار الصحابة والتابعين ، وتوفى سنة ٢٣٠ ه (٢) ، واشترك مع أستاذ الواقدى فى بعض مؤلفاته ، ومن أحسن كتبه كتاب الطبقات ، وقد قدم له بالحديث عن العصر الجاهلى الأمر الذى تخطاه الواقدى ، وكان الواقدى يبدأ ـ كما قلنا ـ بهجرة الرسول ، وتضمن فى الجزء الأول والثانى من كتاب الطبقات لابن سعد موضوع سيرة الرسول ومغازيه ، وأفراد الأجزاء الستة الأخرى للصحابة والتابعين ، وترجع أهمية كتابه إلى أنه تحرى الدقة فى كثير من مؤلفاته (٣).
__________________
(١) أحمد أمين : ضحى الإسلام ج ٢ ص ٢٣٧.
(٢) ابن النديم : الفهرست ص ١٤٥.
(٣) البغدادى : تاريخ بغداد ج ٥ ص ٣٢١.