وكان الكندى منصرفا إلى الحياة العلمية عاكفا على طلب الحكمة ينظر فيها إلتماسا لكمال نفسه ، ويقول العاقل من يظن أن فوق علمه علما ، فهو أبدا يتواضع لتلك الزيادة ، والجاهل يظن أنه قد تناهى فتمقته النفوس (١) وللكندى مؤلفات تزيد على المائتين فى الفلسفة والفلك والحساب والهندسة والطب والطبيعيات والموسيقى والنفس والمنطق والصيدلة والمد والجزر وعلم المعادن والجواهر (٢).
كذلك اهتم جابر بن حيان بدراسة علم الفلك ، وتوصل إلى أن الكواكب السبعة تختلف فى مقدار الحرارة التى نستمدها من الشمس باختلاف قربها منها أو بعدها عنها فالشمس هى التى تمد الكواكب كلها بالحرارة والنور ، والشمس وسط بين الكواكب فتصل حرارتها إلى الكواكب كلها. وعلى قدر القرب أو البعد من الشمس تكون حرارة الكوكب : ودرس كل كوكب من حيث ظواهره الطبيعية وخصائصه ، وكما درس خصائص البروج.
ومن أبرز من تصدى لعلم الفلك فى بغداد جعفر بن محمد بن محمد بن عمر البلخى ، وكان أمام وقنه فى فته. وله التصانيف المفيدة فى علم الفلك.
ولم يكن الخوارزمى عالما فى الرياضة فقط بل كان من المهتمين بعلم الفلك وكان أحد منجمى المأمون ، ولعله اشترك فى حساب ميل الشمس فى عهده وجرى على العكوف فى مكتبة المأمون للإطلاع ، وكان من المنجمين الذين استدعاهم الواثق فى مرضه الأخير لينبؤه بما يكون من أمره ، وقد انصرف إلى دراسة الجغرافيا والفلك والتاريخ بالإضافة إلى الفلك ، وألف كتاب التاريخ الذى اعتمد المسعودى فى بعض كتاباته ، وألف كتبه قبل عصر ازدهار الثقافة اليونانية واعتمد على الهندوس والسريان والفرس فى دراساته ، أما المصادر اليونانية فكانت تأتى فى المرتبة الثانية من مصادره ، وقد ألف كتابين فى الأسطرلاب ، وتناول فيه مسائل فى التنجيم من الناحية العملية ، وأعد مجموعة من صور
__________________
(١) ابن النديم : الفهرست ص ٣١٠.
(٢) Hitti : Hist of the Arabs.p.٠٧٦.