وفى سنة ٧٩٥ ه (١٣٩٢ م ـ ١٣٩٣ م) كان فتح بغداد للمرة الأولى على يد تيمور لنك ولم يكن فى طاقة السلطان أحمد أن يناجزه فولى هاربا مع الفى رامح إلا أن قواد للفاتح اقتصوا أثره فظفروا به فى سهل كربلاء والتحم القتال وتطايرت النبال وتذابحت الرجال وتوصل السلطان إلى الهرب من أولئك الأسود وتحمى بسلطان مصر برقوق إلى أن تستجم قواه.
ولما كانت سنة ٧٩٧ ه (١٣٩٤ م) استنفر جيشا عرمرما ورجع إلى بغداد وكان عليها يومئذ من قبل تيمور لك الأمير مسعود السبزوارى فلم يستطع هذا أن يناوئه لا سيما لأن صاحبه كان بعيدا عنه إذ كان قد غادر بلاد الكرج وذهب إلى قفجق.
وكان السلطان أحمد قد عرف أن جماعه من وجهاء المدينة قد اتفقوا على أن لا يذعنوا لسلطنة ويفرغوا كنفه وسعهم ليولوه الأدبار فاحتالى فى القبض عليهم وقتلهم الواحد تلو الأخر وكان أهل بغداد يكرهون السلطان أحمد كل الكراهية من كبيرهم إلى صغيرهم ومن غنيهم إلى فقيرهم لأنه كان ظالما عسوما جابرا فتاكا سفاحا وكان يوذ أغلبهم تسلط الفتر عليهم وكان أحمد يرى ذلك ولهذا أوجس فى نفسه خيفة منهم فذهب إلى ديار بكر عند الأمير التركمانى قره يوسف وعقد معه عرى عهد مكين لا يقصم ويفضل هذا العهد ثبتت قدمه فى حاضرته كل الثبوت.
ولما وقف تيمور على طلع هذه الأمور أحتد غضبا إلا أنه لما كان مهتما بفتح بلاد الهند وبما وقع له من المشاكل المعضلة مع بيازيد سلطان آل عثمان التزم أن يؤخر ثاره ليكون أشد هولا وأعظم وقعا فى النفوس.
على أنه يحسن بنا هنا قبل الأمعان فى الموضوع وقائع الأمور أن نذكر منشأ تيمور وكيفية امتداد سطوتة بوجه الاختصار ليكون الواقف على ما يتلو من الأخبار عارفا حق المعرفة من هو هذا الرجل؟ وما هى مكانته من التاريخ؟.