ونوع التربة. وطريقة ريها ، ونوع الزرع ، ومساحة الأرض ، وكانت سياسة عمر ابن الخطاب. كما رأينا من قبل ـ عدم تقسيم الأرض بين الغزاة الفاتحين ، فتركها فى يد أهلها يزرعونها يؤدون خراجها ، وقال : قد رأيت أن أحبس الأرضين بعلوجها ، وأضع عليهم فيها الخراج ، وفى رقابهم الجزية يؤدونها فتكون فيئا للمسلمين المقاتلة والذريه ولمن يأتى من بعدهم ، والمقاتلة الذين يذودون عن الثغور ويعسكرون فى المدن الكبرى وقال : فمن أين يؤتى هؤلاء إذا قسمت الأرضون والعلوج؟ (١). ويقول أبو يوسف (٢) : إن ما رآه عمر بن الخطاب من جمع خراج ذلك وقسمته بين المسلمين عموم النفع لجماعتهم ، لأن هذا لو لم يكن موقوفا على الناس فى الأعطيات والأرزاق لم تشحن الثغور ولم تقو الجيوش على السير فى الجهاد ، ولما أمن رجوع أهل الكفر إلى مدنهم إذا خلت من المقاتلة والمرتزقة.
عنى المنصور عناية كبيرة بالخراج ، فراقب عمال الخراج مراقبة شديدة وأمرهم ألا يقبلوا من الناس إلا النقد الموثوق بسلامته ونفاوته لمن يدفع نقدا ، والمكيال الصحيح لمن يؤدى الخراج عينا (٣) ولضبط الخراج العينى استحدث كيلا جديدا ، وأدخل المهدى نظاما جديدا فى جباية الخراج ، فبعد أن كان الخراج يؤدى على حسب مساحة الأرض ، بصرف النظر عن نوع المحصول وطرق الرى ، قرر المهدى إدخال نطام المقاسمة ، وبمقتضاه كانت الدولة تقاسم المزارعين المحصول بنسب معينة بغض النظر عن مساحة الأرض. وقد حدد المهدى نسبة المقاسمة بمقدار نصف المحصول (٤).
ومما لا شك فيه أن نظام المقاسمة ضمن للدولة الحصول على نصيبها من الخراج بعد تحديده ، وأراح الناس ، فنشطوا فى زراعة الأرض وأطمأنوا على
__________________
(١) أبو يوسف : الخراج ص ، ١٤
(٢) الخراج : ص ، ١٥
(٣) البلاذرى : فتوح البلدان ص ، ١٤٦٩
(٤) الفخرى فى الآداب السلطانية ص ، ١٩٨