أحوالهم المعيشية بعكس نظام المساحة الذى كان يضر ببعض الزراع لأنه يفرض عليهم خراجا على الأرض زرعت أو لم تزرع.
كانت دواوين الخراج فى الدولة تقوم مقام خزائن الدولة ، فتستوفى من مال الخراج النفقات وأعطيات الجند ، ثم يحمل ما تبقى إلى بيت المال العام بمدينة بغداد ، ولذلك فإن بيت المال فى بغداد لم يكن يعنى إلا بدار الخلافة وحاجاتها وبشؤون الدواوين (١).
انتظم الخراج فى عهد الرشيد بعد الإصلاحات التى استحدثها البرامكة فى الزراعة والرى ، كما شعر الزراع بالأمان بعد أن نظر البرامكة فى ظلماتهم ، وألغوا المبالغ المتأخرة على الزراع العاجزين عن السداد وقد أوصى القاضى أبو يوسف الرشيد بأن تقوم الدولة بحفر الترع والقنوات وتيسير سبل الرى (٢). وكان الرشيد لا يتهاون مع عمال الخراج الذين يلحقون الأذى بالأهلين ، ويحملونهم فوق طاقتهم.
ظل نظام المقاسمة معمولا به حتى ولى الرشيد الخلافة فخفض المقاسمة بحيث أصبحت فى السواد ، كما حددها القاضى أبو يوسف (٣) على الحنطة والشعير خمسين والنخل والكروم والرطاب والبساتين الثلث ، وأما غلال الصيف فعليها الريع ، وتكون المقاسمات فى أثمان ذلك بعد تحديد قيمتها تحديدا عادلا لا يكون فيه إحجاف بأهل الخراج ، وظل الحال كذلك حتى أيام المأمون إلا أنه آحدث كيلا جديدا فى تقدير الخراج (٤).
وأما القطائع فيحدد خراجها تبعا لطريقة ريها فما كان ريها سيحا فعليها العشر ، وما سقى منها بالدلو أو بمشقة نصف العشر ، ويعفى بعض أنواع المحاصيل مثل الخضروات والبطيخ ، وما يكال الفقير ويوزن بالأرطال فهو مثل الحنطة والشعير
__________________
(١) متز : الحضارة الإسلامية ج ١ ص ، ١٤٣
(٢) أبو يوسف : الخراج ص ، ٢٧
(٣) أبو يوسف : الخراج ص ٢٧ ـ ، ٢٨
(٤) ابن كثير : البداية والنهاية ج ١٠ ص ، ٢٥١