مقلاص يبنى ههنا مدينة ، ويكون لها شأن من الشأن ، وأن غيره لا يتمكن من ذلك ، فجاء الرجل إلى المنصور وأخبره بما سمع ، فقال المنصور : أما والله كان اسمى مقلاصا ، أطلقته على مربية عجوز لى (١) والدليل على عدم صحة هذه الرواية أن الغيب لا يعلمه إلا الله.
ويرجع ترديد الكتاب العرب لهذه الرواية إلى أن الاعتقاد فى التنجيم كان شائعا فى ذلك العصر حتى أن المنصور وضع أساس مدينته فى الوقت الذى اختاره له المنجمون ، وبشروه بطول بقائها وكثرة عمارتها (٢) على أننا نلاحظ أن الأساطير أحاطت بتأسيس المدن الكبرى مثل أتينا وروما ودمشق.
كانت بغداد قبل تمصيرها قرية قديمة بناها بعض ملوك الساسانيين المتأخرين وتقع على الشاطئ الغربى لنهر دجلة فى أعلى المكان الذى يلتقى فيه نهر الفرات بدجله ، وكان يعقد بها سوق شهرى يأتيه التجار من بلاد الفرس والصين ، وتعرضت للغزو العربى سنة ١٣ ه حينما هاجمها المثنى بن حارثة الشيبانى ، واستولى عليها ، وغنم من غزوها مغانم كثيرة (٣) ، وقد أثبت البحث الحديث وجود مدينة قديمة فى موضع بغداد أثبته المكتشف الإنجليزى السير هنرى رولنسون سنة ١٨٤٨ م ، وظهر اسم بختنصر الثانى على أحجار هذه المدينة ، وقامت فى هذا المكان أيضا مدينة تشبه فى تسميتها بغداد (٤).
اختلف الكتاب والمؤرخون حول معنى كلمة بغداد فيعتقد البعض أن بغداد كلمة فارسية تتركب من باغ ومعناها بستان وداد رجل ، وقيل أن بغ اسم لصنم وداد أعطى وقيل أن تسمية بغداد باغ داذوية لأن موضع بغداد كان باغا لرجل من الفرس يسمى داذويه ، ولكننا نرجح أن كلمة بغداد معناها عطية الله أو هبته (٥).
__________________
(١) الطبرى : تاريخ الأمم والملوك حوادث سنة ١٤٥ ه.
(٢) المصدر نفسه السابق حوادث سنة ١٤٥ ه.
(٣) le strange : Baghdad during the Abbasid Caliphate p. ٩
(٤) ياقوت : معجم البلدان ج ٢ ص ٢٣٢.
(٥) le strange : Baghdad during the Abbasid Caliphate p ٢٧.