وسميت بغداد أحيانا بغداد ، وأحيانا أخرى بغداد (١). على أنها اشتهرت باسم مدينة السلام ، واختلف المؤرخون كذلك حول هذه التسمية فبعضهم ذكر أنها سميت بهذا الإسم قبل أن يبنيها المنصور ، ويرى البعض أن اسمها اشتق من اسم نهر دجله المدعو نهر السلام. ولكن الأرجح أن المنصور رغب فى اطلاق تسمية عربية على بغداد فدعاها دار السلام ، لأن الله هو السلام أو لعل المقصود هنا الجنة فقد ورد فى القرآن الكريم عن الجنة (لَهُمْ دارُ السَّلامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ) سورة الأنعام الآية ١٢٧.
«والله يدعو إلى دار السلام ويهدى من يشاء إلى صراط مستقيم ، ومهما يكن من أمر فقد كان الشعراء والأدباء وسائر الناس يطلقون على الحاضرة الجديدة بغداد أو بغداد ، وأحيانا يطلقون عليه الزوراء لأن قبلتها غير مستقيمة ، يحتاج المصلى فى المصلى فى مسجدها الجامع إلى أن ينحرف جهة اليسار (٢) ، أو أن أبوابها الداخلة مزورة عن الأبواب الخارجية أى ليست على سمتها ، على أننا نلاحظ أن كثيرا ما كان يتردد ذكر دار السلام فى المكاتبات الرسمية وعلى العملة (٣).
تأسست مدينة بغداد فى موضع عدة قرى منها بغداد والمخرم وبستان القس والعتيقة ، وحرص المنصور على أن يطمئن على أحوال هذه القرى الصحية والمعيشية ، فاستدعى رؤساءها وسألهم عن أحوال قراهم ، فطمأنوه على حسن اختياره ، ولم يكتف بذلك بل عهد إلى بعض رجاله بأن يبيتوا فى هذه القرى ، ويدرسوا أحوالها ، فلما انتهوا من مهمتهم ، قدموا على المنصور ، وأجمعوا على أفضلية هذه عما سواها فازداد المنصور تفاؤلا بنجاح المشروع الذى أقدم عليه (٤).
__________________
(١) الخطيب البغدادى : تاريخ بغداد ج ١ ص ٢٦.
Hitti : Hist. of the Arabs p. ٢٩٢
(٢) الفخرى فى الأداب السلطانية ص ١٤٥ ـ ١٤٦.
(٣) الطبرى : تاريخ الأمم والملوك حوادث سنة ١٤٥ ه.
(٤) الخطيب البغدادى : تاريخ بغداد ج ١ ص ١٧ ـ ١٨.