فهل من خالد إمّا هلكنا |
|
وهل بالموت يا للناس عار (١) |
أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الباقي ، أنا أبو محمّد الجوهري ، أنا أبو عمر بن حيوية ، أنا أحمد بن معروف ، نا محمّد بن فهم ، نا محمّد بن سعد (٢) ، أنا أبو عبيد ، عن أبي يعقوب الثقفي ، عن عبد الملك بن عمير قال :
لما ثقل معاوية وتحدّث الناس أنه بالموت قال لأهله : احشوا عيني إثمدا ، وأوسعوا رأسي دهنا ، ففعلوا وبرّقوا (٣) وجهه بالدهن ، ثم مهد له ، مجلس فقال : أسندوني ، ثم قال : ائذنوا للناس فليسلّموا قياما ، ولا يجلس أحد ، فجعل الرجل يدخل فيسلّم قائما فيراه مكتحلا متدهنا فيقول الناس : هو لما به ، وهو أصح الناس ، فلمّا خرجوا من عنده قال معاوية (٤) :
وتجلّدي للشامتين أريهم |
|
أنّي لريب الدّهر لا أتضعضع |
وإذا المنية أنشبت أظفارها |
|
ألفيت كلّ تميمة لا تنفع (٥) |
قال : وكان به النّفاثة (٦) فمات من يومه ذلك.
أخبرنا أبو طالب علي بن أبي عقيل ، أنا أبو الحسن الفقيه الخلعي ، أنا أبو محمّد بن النحّاس ، أنا أبو سعيد بن الأعرابي ، نا عباس الدوري ، نا محمّد بن بشر ، نا إسماعيل (٧).
ح قال : ونا الحسن بن علي بن عفّان ، نا أبو أسامة ، نا إسماعيل.
عن قيس قال :
مرض معاوية بن أبي سفيان مرضا عيد فيه ، فجعل يقلّب ذراعيه كأنهما عسيبا نخل وهو يقول : هل الدنيا إلّا ما ذقنا وجرّبنا؟ والله لوددت أنّي لا أغبرّ (٨) فيكم فوق ثلاث حتى ألحق
__________________
(١) البيت في أنساب الأشراف ٥ / ١٦٠ (ط. دار الفكر) قاله معاوية متمثلا والخبر فيه بنحوه.
(٢) من طريقه الخبر والشعر في البداية والنهاية ٨ / ١٥١ وتاريخ الطبري ٦ / ١٨١ والكامل لابن الأثير ٤ / ٧ وسير أعلام النبلاء ٣ / ١٦٠ ـ ١٦١.
(٣) في البداية والنهاية : «وغرقوا» وبرقوا وجهه أي لمعوه.
(٤) البيتان من قصيدة لأبي ذؤيب الهذلي يرثي بنيه شرح أشعار الهذليين ١ / ٣٨.
(٥) البيت الثاني في أنساب الأشراف ٥ / ١٦٠ (ط. دار الفكر) ، وفتوح ابن الأعثم ٤ / ٣٤٥.
(٦) بالأصل و «ز» : «التفاتة» والمثبت عن المختصر ، والنفاثة ما ينفثه المصدور من فيه ، والمصدور من يشكو صدره.
وفي الطبري والكامل لابن الأثير : «النفاثات» وفي البداية والنهاية : النقابة يعني لوقة. وفي الفتوح لابن الأعثم : «اللقوة في وجهه».
(٧) من طريق إسماعيل بن أبي خالد رواه الذهبي في سير الأعلام ٣ / ١٦١.
(٨) بالأصل : «لا غبر» والمثبت عن «ز».