بالحلة فتحت الطريق لزيادة الانحرافات في المنطقة ، وفتحت الطريق أيضا لخسائر أكثر من المصاريف المذكورة ، وبفساد النظام المؤمن بالمتصرفية بدأت تظهر ردود فعل ، وأظهرت الفرق الشيعية صاحبة النفوذ القوي في كربلاء أكبر رد فعل منها ، وقد أرسل متصرف الحلة ضباطا للمنطقة بهدف التدخل في ردود أفعال العشائر التي كادت أن تكون ثورات ، إلا أن الإجراءات المتخذة لم تكن بالدرجة التي تظهر نفوذ ورفعة وحقوق الحكومة العثمانية ، وذلك لأن متصرف الحلة خلط بين الحلة وكربلاء ، ولم يستطع أن يميز بين الاختلافات الموجودة في كربلاء وكيفية التصرف معها ، وسيطرت ولاية بغداد على الأوضاع من جديد وأخبرت الباب العالي بضرورة تشكيل متصرفية في كربلاء مرة أخرى لإيقاف ردود الأفعال تلك ، واقترحت الولاية تعيين راشد أفندي ناظر رسومات (ضرائب) بغداد متصرفا عليها ، وذلك لأنه يعرف المنطقة جيدا وعمل بها من قبل (١) ، وتم بحث الموضوع في نظارة الداخلية ، وتم الحصول على إرادة من السلطان ، وتحولت كربلاء إلى متصرفية مرة أخرى ، كما تقرر تعيين راشد أفندي ناظر رسومات بغداد ـ الذي اقترحت ولاية بغداد تعيينه ـ متصرفا عليها ، وأن تتحمل ولاية بغداد الاثني عشر ألف وخمسمائة قرش اللازمة للمتصرفية (٢).
وقد أظهرت الأحداث التي وقعت خلال فترة ارتباط كربلاء بالحلة مدى حساسية المنطقة وأنها ذات بنية خاصة ، وأنه لم يكن ممكنا حماية أية قوة إدارية قليلة كانت أو كثيرة داخل بنية سنجق كربلاء ، وظهور تلك الحساسية لكربلاء في غضون فترة قصيرة جدّا يعد مؤشرا للسياسة السليمة التي انتهجتها الدولة العثمانية في تلك المنطقة.
__________________
(١) BOA ,I.Dh ٤٠١٠٥ ,Lef : ١ ,٩ M ٣٩٢١.
(٢) BOA ,I.Dh ٤٠١٠٥ ,Lef : ٢ ,٨٢ M ٣٩٢١.