٢ ـ مساعي الإنجليز لفرض السيطرة على العلماء
جذبت قوة علماء النجف التي بدأت تزيد اعتبارا من القرن التاسع عشر الإنجليز أيضا ، وقد رجحت إنجلترا طريق استخدام الشيعة الموجودين في الهند إلى جانب مساعيهم في العراق للاستفادة من قوة العلماء ، ولعبت إنجلترا دورا مؤثرا بواسطة قنصلها في بغداد في إيصال الهدايا والمساعدات التي سيقوم بها شيعة الهند إلى علماء النجف (١) ، وفي الفترة من عام ١٨٥٠ ـ ١٩٠٣ م نقلت إلى القصبات العراقية الموجودة بها أماكن مقدسة ستة ملايين روبية من الهند بواسطة إنجلترا.
وقد بدأ الموظفون الإنجليز اعتبارا من عام ١٨٥٠ م يحولون الأموال من الهند إلى النجف وكربلاء اللتين تعدان مدينتين مقدستين للشيعة في العراق تحقيقا لوصية ملك الهند (أوده باكويست) ، وكان هدف الإنجليز من تلك المساعدات بسط نفوذهم ورقابتهم على العلماء الشيعة في العراق وإيران.
ويدعي بعض المؤرخين أن هؤلاء الموظفين الإنجليز الذين نفذوا وصية الملك بذلوا جهودا في وقت لاحق للضغط على الشيعة بتلك المساعدات المالية لمعرفة من سيكون مجتهدا في العتبات المقدسة ، إلا أن محاولاتهم في الضغط على علماء الشيعة مستخدمين ملك الهند في ذلك باءت بالفشل.
وقد منح ملك الهند غازي الدين حيدر شركة الهند الشرقية قرضا يقدر بعشرة ملايين روبية عام ١٨٢٥ م ، إلا أن الشركة لم ترد تلك الأموال بعد ذلك ، وكانت الفائدة السنوية البالغة ٥% تدفع من قبل الحكومة الهندية لاستخدامها كفائدة خاصة ، وبعد وفاة الملك غازي
__________________
(١) أحد أهم الوظائف عند الشيعة في كربلاء والنجف ، وكانت مهمته تتمثل في قبول المساعدات التي تقدم للأهالي والأماكن المقدسة ، وتوزيع تلك المساعدات.