ما نهى الله تعالى عنه قبيح ، فإذا زعم القاضي وقومه أنّ الزنا مثلا فعل الله تعالى كان حسنا ، وهذا خلف.
وأمّا الثالث ، وهو الذي ذكره بقوله : « وأيضا : كون الفعل طاعة هو كون الفعل موافقا لأمر الشريعة » ..
فقد أجاب عنه الخصم بقوله : « فجوابه : إنّا لا نسلّم ... » إلى آخره.
وردّد فيه بمراده بالرجوع بين أمرين لم يردهما قطعا ، فإنّ مراده بالرجوع في قوله : « وكونه موافقا لأمر الشريعة يرجع إلى ذات الفعل » هو استناد الموافقة إلى ذات الفعل ، لا أنّها ذاته أو وصفه كما تخيّله الخصم.
وحاصل مقصود المصنّف ـ كما هو صريح كلامه ـ : إنّ معنى كون الفعل طاعة هو كونه موافقا للأمر ، وكونه موافقا له مستند إلى ذات الفعل ، لا إلى العبد ، فكيف يقول القاضي باستناد الطاعة إلى العبد؟! ومنه يعلم ما في قول الخصم : « لا نسلّم عدم جواز إسناده إلى العبد باعتبار الصفة ».
وأمّا ما أجاب به عن الرابع بقوله : « ثمّ إنّ ما ذكر أنّ الطاعة حسنة ... » إلى آخره ..
فخطأ ظاهر ؛ لأنّ حاصل مراد المصنّف بهذا الوجه أنّه لو كان أصل الفعل صادرا عن الله تعالى ـ كما يزعمه القاضي وقومه ـ لكان حسنا وامتنع قبحه ، فلا يكون معصية ؛ لأنّها قبيحة فلا تتحقّق من العبد معصية ألبتّة ، ولا يحسن ذمّه وعقابه!
والحال : إنّا علمنا أنّ الله سبحانه ذمّ إبليس وأبا لهب وغيرهما ، وهذا وارد على القاضي وقومه ، سواء كان الحسن والقبح عقليّين أم شرعيّين ، لامتناع كون فعل الله تعالى قبيحا بقبح عقلي أو شرعي.