وما أدري كيف تتصوّر الخطيئة من نوح في دعائه ، وهو إنّما دعا على الكافرين الّذين لا يلدون إلّا فاجرا كفّارا؟!
ودعوى أنّ خطيئته لنسبته ذلك إليهم كذبا ، باطلة ، إذ لو سلّم عدم إضلالهم وأنّهم يلدون مؤمنا ، فنسبة ذلك إن صدرت منه خطأ فلا خطيئة له ، وإن صدرت عمدا كانت له خطيئتان : الكذب والدعوة على من لا يستحقّ ، لا خطيئة واحدة كما يظهر من الأخبار هذه!
وممّا ينكره العقل على هذه الأحاديث :
أوّلا : إعراض المسلمين عن طلب الشفاعة من نبيّهم وهم يعتقدون أنّه سيّد الأنبياء ، وعدول من عدا عيسى من هؤلاء الأنبياء عن نبيّنا صلىاللهعليهوآلهوسلم وهم يعلمون أنّه أولى بالشفاعة.
كما ينكر العقل عليها ثانيا : مخاطبة الناس بعضهم بعضا ، وطلبهم الرأي وهم في حال الشدّة وقد دنت الشمس منهم ، والله سبحانه يقول : ( يَوْمَ تَرَوْنَها تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذاتِ حَمْلٍ حَمْلَها وَتَرَى النَّاسَ سُكارى وَما هُمْ بِسُكارى وَلكِنَّ عَذابَ اللهِ شَدِيدٌ ) (١).
وأيضا فقد نسب في حديثي أنس إلى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم رؤية الله (٢) ، وقد عرفت امتناعها (٣).
ونسب إليه في حديث أنس بكتاب التوحيد ، أنّه قال : « فأستأذن
__________________
(١) سورة الحجّ ٢٢ : ٢.
(٢) انظر الهامش رقم ٣ من الصفحة السابقة ، عن البخاري وغيره.
(٣) راجع ج ٢ / ٤٧ و ١١٠ فما بعدها من هذا الكتاب.