فرجع بها رسول الله يرجف فؤاده ، فدخل على خديجة ، فقال : زمّلوني زمّلوني (١) ، فزمّلوه حتّى ذهب عنه الروع ، فقال لخديجة وأخبرها الخبر : لقد خشيت على نفسي.
فقالت خديجة : كلّا! ما يخزيك الله أبدا ، إنّك لتصل الرحم ، وتحمل الكلّ ، وتكسب المعدوم ، وتقري الضيف ، وتعين على نوائب الحقّ.
فانطلقت به خديجة حتّى أتت به ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزّى ، ابن عمّ خديجة ، وكان امرأ قد تنصّر في الجاهلية ، وكان يكتب الكتاب العبراني ، وكان شيخا كبيرا قد عمي.
فقالت له خديجة : يا بن عمّ! اسمع من ابن أخيك.
فقال له ورقة : يا بن أخي! ماذا ترى؟
فأخبره رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم خبر ما رأى.
فقال له ورقة : هذا الناموس الذي نزّل الله على موسى » (٢) .. الحديث.
ورواه البخاري أيضا في باب التعبير بعد أبواب كتاب الحيل ، وزاد فيه قوله :
« وفتر الوحي فترة حتّى حزن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ في ما بلغنا ـ حزنا غدا منه مرارا كي يتردّى من رؤوس شواهق الجبال ، فكلّما أوفى بذروة جبل
__________________
(١) تزمّل فلان : إذا تلفّف بثيابه وتدثّر ؛ انظر : لسان العرب ٦ / ٨٣ مادّة « زمل ».
(٢) صحيح البخاري ١ / ٤ ـ ٥ ح ٣ وج ٦ / ٣٠٠ ـ ٣٠٢ ح ٤٥٠ ، صحيح مسلم ١ / ٩٧ ـ ٩٨ ، وانظر : المصنّف ـ لعبد الرزّاق ـ ٥ / ٣٢١ ـ ٣٢٣ ح ٩٧١٩ ، مسند أبي عوانة ١ / ١٠٢ ح ٣٢٨ ، السنن الكبرى ـ للبيهقي ـ ٧ / ٥١ وج ٩ / ٦ ، مصابيح السنّة ٤ / ٦٣ ـ ٦٦ ح ٤٥٥٦.