هذا ، وقد استدلّ بعضهم على نبوّة إخوة يوسف عليهالسلام بقوله تعالى : ( وَكَذلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلى آلِ يَعْقُوبَ كَما أَتَمَّها عَلى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ ... ) (١) الآية.
قال الرازي في تفسيرها : « اختلفوا في الاجتباء ، فقال الحسن : يجتبيك ربّك بالنبوّة ، وقال آخرون : المراد به إعلاء الدرجة وتعظيم الرتبة ».
.. إلى أنّ قال : « واعلم أنّا لمّا فسّرنا الآية بالنبوّة لزم الحكم بأنّ أولاد يعقوب كلّهم كانوا أنبياء ؛ وذلك لأنّه قال : ( وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلى آلِ يَعْقُوبَ ) ، وهذا يقتضي حصول تمام النعمة لآل يعقوب ، فلمّا كان المراد من تمام النعمة النبوّة لزم حصولها لآل يعقوب وترك العمل به في حقّ من عدا أبنائه ، فوجب أن يبقى معمولا به في حقّ أولاده » (٢) ..
وفيه نظر ظاهر ؛ حتّى إذا أريد بالاجتباء الاصطفاء للنبوّة ، كما هو الأقرب ؛ لأنّ عطف إتمام النعمة على الاجتباء دليل على المغايرة بينهما ، ولهذا خصّ يوسف عليهالسلام بالاجتباء ، وعمّه وغيره من آل يعقوب بإتمام النعمة.
على أنّه لو أريد بإتمام النعمة النبوّة ، فلا بدّ أن يكون إتمامها عليهم بلحاظ ثبوتها لبعضهم لا لمطلق آل يعقوب ، وإلّا لزم خروج الأكثر ، وهو غير صحيح في العربية ، فكيف يثبت بالآية نبوّة إخوة يوسف عليهالسلام؟!
هذا ، وأمّا ما أشار إليه الخصم من أجوبته السابقة ، فقد عرفت أنّها
__________________
(١) سورة يوسف ١٢ : ٦.
(٢) تفسير الفخر الرازي ١٨ / ٩١ ـ ٩٢.